37- وقال الكفار متعنتين : نطلب أن ينزل على محمد دليل مادي من ربه يشهد بصدق دعوته . قل لهم أيها النبي : إن الله قادر على أن ينزل أي دليل تقترحونه . ولكن أكثرهم لا يعلمون حكمة الله في إنزال الآيات ، وأنها ليست تابعة لأهوائهم ، وأنه لو أجاب مقترحاتهم ثم كذبوا بعد ذلك لأهلكهم ، ولكن أكثرهم لا يعلمون نتائج أعمالهم ! !
يقول تعالى مخبرًا عن المشركين أنهم كانوا يقولون : { لَوْلا نزلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ } أي : خارق على مقتضى ما كانوا يريدون ، ومما يتعنتون كما قالوا : { لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأرْضِ يَنْبُوعًا } الآيات [ الإسراء : 90 ] .
{ قُلْ إِنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُنزلَ آيَةً وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ } أي : هو تعالى قادر على ذلك ، ولكن حكمته تعالى تقتضي تأخير ذلك ؛ لأنه لو أنزلها{[10668]} وفق ما طلبوا ثم لم يؤمنوا ، لعاجلهم بالعقوبة ، كما فعل بالأمم السالفة ، كما قال تعالى : { وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالآيَاتِ إِلا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الأوَّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلا تَخْوِيفًا } [ الإسراء : 59 ] ، وقال تعالى : { إِنْ نَشَأْ نُنزلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ } [ الشعراء : 4 ] .
{ وقالوا لولا نزل عليه آية من ربه } أي آية بما اقترحوه ، أو آية أخرى سوى ما أنزل من الآيات المتكاثرة لعدم اعتدادهم بها عنادا . { قل إن الله قادر على أن ينزل آية } مما اقترحوه ، أو آية تضطرهم إلى الإيمان كنتق الجبل ، أو آية إن جحدوها هلكوا . { ولكن أكثرهم لا يعلمون } أن الله قادر على إنزالها ، وأن إنزالها يستجلب عليهم البلاء ، وأن لهم فيما أنزل مندوحة عن غيره . وقرأ ابن كثير ينزل بالتخفيف والمعنى واحد .
والضمير في { قالوا } عائد على الكفار ، و { لولا } تحضيض بمعنى : هلا ، قال الشاعر [ جرير ] : [ الطويل ]
تَعُدُّونَ عَقْرَ النّيبِ أفضلَ مَجْدِكُمْ . . . بَنِي ضَوْطرى لولا الكميّ المقنَّعا{[4905]}
ومعنى الآية هلا أنزل على محمد بيان واضح لا يقع معه توقف من أحد ، كملك يشهد له أو أكثر أو غير ذلك من تشططهم المحفوظ في هذا ، فأمر عليه السلام بالرد عليهم بأن الله عز وجل له القدرة على إنزال تلك الآية ، { ولكن أكثرهم لا يعلمون } أنها لو نزلت ولم يؤمنوا لعولجوا بالعذاب ، ويحتمل { ولكن أكثرهم لا يعلمون } إن الله تعالى إنما جعل المصلحة في آيات معرضة للنظر والتأمل ليهتدي قوم ويضل آخرون .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.