ولما سلاه صلى الله عليه وسلم فيما أخبرته من أقوالهم بما شرح صدره وسر خاطره ، وأعلمه تخفيفاً عليه أن أمرهم إنما هو بيده ، ذكَّره{[29450]} بعضَ كلامهم الآئل إلى التكذيب عقب إخباره بالحشر الذي يجازي فيه كلاًّ بما يفعل ، فقال عطفاً على قوله{ وقالوا إن هي إلا حياتنا الدنيا }[ الأنعام : 29 ] وقوله{ وقالوا لولا أنزل عليه ملك }[ الأنعام : 8 ] يعجب{[29451]} منه تعجيباً{[29452]} آخر : { وقالوا } أي مغالطة أو عناداً أو مكابرة { لولا } أي هلا { نزل{[29453]} } أي بالتدريج { عليه } أي خاصة { آية } أي واحدة تكون{[29454]} ثابتة بالتدريج لا تنقطع ، وهذا منهم إشارة إلى أنهم لا يعدون{[29455]} القرآن آية و{[29456]} لا شيئاً مما{[29457]} رأوه{[29458]} منه صلى الله عليه وسلم من غير{[29459]} ذلك نحو انشقاق القمر { من ربه } أي المحسن إليه على حسب ما يدعيه لنستدل بها على ما يقول{[29460]} من التوحيد والبعث .
ولما كان في هذا - كما تقدم - إشارة منهم إلى أنه لم يأت بآية على هذه الصفة إما مكابرة وإما مغالطة ، أمره بالجواب بقوله{[29461]} : { قل إن الله } أي الذي له جميع الأمر{[29462]} { قادر على أن } وأشار بتشديد الفعل إلى آية القرآن المتكررة عليهم كل حين تدعوهم{[29463]} إلى المبارزة{[29464]} وتتحداهم{[29465]} بالمبالغة والمعاجزة فقال : { ينزل } وقراءة ابن كثير بالتخفيف مشيرة إلى أنهم بلغوا في الوقاحة الغاية ، وأنهم لو قالوا : لولا أنزل ، أي مرة واحدة ، لكان أخف في الوقاحة ، أو إلى أنه أنزل عليهم أيّ آية ، كانت تلجئهم وتضطرهم إليه في آن واحد كما قال تعالى { إن نشأ ننزل عليهم من السماء آية فظلت أعناقهم لها خاضعين{[29466]} }[ الشعراء : 4 ] ولكنه لا يسأل ذلك إلا بالتدريج كما يشير إليه{[29467]} صيغة التفعيل في قراءة{[29468]} غيره المذكرة{[29469]} بأن آية القرآن لا تنقضي{[29470]} ، بل كلما سمعها أحد منهم أو من غيرهم طول الدهر كانت منزلة عليه لكونها واصلة إليه ، فهو أبلغ من مطلوبهم آية{[29471]} ينزل عليه{[29472]} وحده ، والحاصل أنهم طلبوا آية باقية محضة ، فلوح لهم إلى آية هي - مع كونها خاصة به فيما حصل له من الشرف - عامة لكل من بلغته ، باقية طول المدى { آية } أي مما اقترحوه ومن غيره ، لا يعجزه شيء ، وفي كل شيء له من الآيات ما يعجز الوصف ، وكفى بالقرآن العظيم مثالاً لذلك { ولكن أكثرهم لا يعلمون * } أي ليس فيهم قابلية العلم ، فهم لا يتفكرون في شيء من ذلك الذي يحدثه من مصنوعاته ليدلهم على{[29473]} أنه على كل شيء قدير ، فلا فائدة{[29474]} لهم في إنزال ما طلبوه ، وأما غير{[29475]} الأكثر فهو{[29476]} سبحانه يردهم بآية القرآن{[29477]} أو غيرها{[29478]} مما لم يقترحوه . {[29479]}
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.