نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{وَقَالُواْ لَوۡلَا نُزِّلَ عَلَيۡهِ ءَايَةٞ مِّن رَّبِّهِۦۚ قُلۡ إِنَّ ٱللَّهَ قَادِرٌ عَلَىٰٓ أَن يُنَزِّلَ ءَايَةٗ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ} (37)

ولما سلاه صلى الله عليه وسلم فيما أخبرته من أقوالهم بما شرح صدره وسر خاطره ، وأعلمه تخفيفاً عليه أن أمرهم إنما هو بيده ، ذكَّره{[29450]} بعضَ كلامهم الآئل إلى التكذيب عقب إخباره بالحشر الذي يجازي فيه كلاًّ بما يفعل ، فقال عطفاً على قوله{ وقالوا إن هي إلا حياتنا الدنيا }[ الأنعام : 29 ] وقوله{ وقالوا لولا أنزل عليه ملك }[ الأنعام : 8 ] يعجب{[29451]} منه تعجيباً{[29452]} آخر : { وقالوا } أي مغالطة أو عناداً أو مكابرة { لولا } أي هلا { نزل{[29453]} } أي بالتدريج { عليه } أي خاصة { آية } أي واحدة تكون{[29454]} ثابتة بالتدريج لا تنقطع ، وهذا منهم إشارة إلى أنهم لا يعدون{[29455]} القرآن آية و{[29456]} لا شيئاً مما{[29457]} رأوه{[29458]} منه صلى الله عليه وسلم من غير{[29459]} ذلك نحو انشقاق القمر { من ربه } أي المحسن إليه على حسب ما يدعيه لنستدل بها على ما يقول{[29460]} من التوحيد والبعث .

ولما كان في هذا - كما تقدم - إشارة منهم إلى أنه لم يأت بآية على هذه الصفة إما مكابرة وإما مغالطة ، أمره بالجواب بقوله{[29461]} : { قل إن الله } أي الذي له جميع الأمر{[29462]} { قادر على أن } وأشار بتشديد الفعل إلى آية القرآن المتكررة عليهم كل حين تدعوهم{[29463]} إلى المبارزة{[29464]} وتتحداهم{[29465]} بالمبالغة والمعاجزة فقال : { ينزل } وقراءة ابن كثير بالتخفيف مشيرة إلى أنهم بلغوا في الوقاحة الغاية ، وأنهم لو قالوا : لولا أنزل ، أي مرة واحدة ، لكان أخف في الوقاحة ، أو إلى أنه أنزل عليهم أيّ آية ، كانت تلجئهم وتضطرهم إليه في آن واحد كما قال تعالى { إن نشأ ننزل عليهم من السماء آية فظلت أعناقهم لها خاضعين{[29466]} }[ الشعراء : 4 ] ولكنه لا يسأل ذلك إلا بالتدريج كما يشير إليه{[29467]} صيغة التفعيل في قراءة{[29468]} غيره المذكرة{[29469]} بأن آية القرآن لا تنقضي{[29470]} ، بل كلما سمعها أحد منهم أو من غيرهم طول الدهر كانت منزلة عليه لكونها واصلة إليه ، فهو أبلغ من مطلوبهم آية{[29471]} ينزل عليه{[29472]} وحده ، والحاصل أنهم طلبوا آية باقية محضة ، فلوح لهم إلى آية هي - مع كونها خاصة به فيما حصل له من الشرف - عامة لكل من بلغته ، باقية طول المدى { آية } أي مما اقترحوه ومن غيره ، لا يعجزه شيء ، وفي كل شيء له من الآيات ما يعجز الوصف ، وكفى بالقرآن العظيم مثالاً لذلك { ولكن أكثرهم لا يعلمون * } أي ليس فيهم قابلية العلم ، فهم لا يتفكرون في شيء من ذلك الذي يحدثه من مصنوعاته ليدلهم على{[29473]} أنه على كل شيء قدير ، فلا فائدة{[29474]} لهم في إنزال ما طلبوه ، وأما غير{[29475]} الأكثر فهو{[29476]} سبحانه يردهم بآية القرآن{[29477]} أو غيرها{[29478]} مما لم يقترحوه . {[29479]}


[29450]:في ظ: ذكر.
[29451]:في ظ: لعجب- كذا.
[29452]:من ظ، وفي الأصل: تعجبا.
[29453]:من ظ والقرآن، وفي الأصل: انزل- كذا، والفعل بالتشديد بلا خلاف.
[29454]:من ظ، وفي الأصل: يكون.
[29455]:من ظ، وفي الأصل: يعدلون.
[29456]:في ظ: لاسيما ما- كذا.
[29457]:في ظ: لاسيما ما- كذا.
[29458]:في الأصل و ظ: رواه- كذا.
[29459]:من ظ، وفي الأصل: غر- كذا.
[29460]:في ظ: نقول.
[29461]:من ظ، وفي الأصل: لقوله.
[29462]:زيد بعده في ظ: كله.
[29463]:من ظ، وفي الأصل: يدعوهم.
[29464]:في ظ: المبادرة.
[29465]:من ظ، وفي الأصل: يتحداهم.
[29466]:سورة 26 آية 4.
[29467]:زيد ما بين الحاجزين من ظ، وزيدت الواو بعده في الأصل، ولم تكن في ظ فحذفناها.
[29468]:في الأصل: غيره مذكرة، وفي ظ: غير المذكورة.
[29469]:في الأصل: غيره مذكرة، وفي ظ: غير المذكورة.
[29470]:من ظ، وفي الأصل: لا تنقص.
[29471]:في ظ: إنه.
[29472]:من ظ، وفي الأصل: عليهم.
[29473]:سقط من ظ.
[29474]:في الأصل: فايد، وفي ظ: يدة- كذا.
[29475]:من ظ، وفي الأصل: عن.
[29476]:من ظ، وفي الأصل: فهذا.
[29477]:من ظ، وفي الأصل: لو غرها- كذا.
[29478]:من ظ، وفي الأصل: لو غرها- كذا.
[29479]:من ظ، وفي الأصل: لم يفرحوه.