جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري  
{وَقَالُواْ لَوۡلَا نُزِّلَ عَلَيۡهِ ءَايَةٞ مِّن رَّبِّهِۦۚ قُلۡ إِنَّ ٱللَّهَ قَادِرٌ عَلَىٰٓ أَن يُنَزِّلَ ءَايَةٗ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ} (37)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَقَالُواْ لَوْلاَ نُزّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مّن رّبّهِ قُلْ إِنّ اللّهَ قَادِرٌ عَلَىَ أَن يُنَزّلٍ آيَةً وَلََكِنّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } . .

يقول تعالى ذكره : وقال هؤلاء العادلون بربهم المعرضون عن آياته : لَوْلا نُزّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبّهِ يقول : قالوا : هلا نزل على محمد آية من ربه كما قال الشاعر :

تَعُدّونَ عَقْرَ النّيبِ أفْضَلَ مَجْدِكُمْ ***بني ضَوْطَرَي لَوْلا الكَمِيّ المُقَنّعا

بمعنى : هّلا الكمّي . والاَية العلامة ، وذلك أنهم قالُوا : { ما لِهَذَا الرّسُولِ يأْكُلُ الطّعَامَ وَيْمشِي فِي الأسْوَاقِ لَوْلاَ أُنْزِلَ إلَيْهِ مَلَكٌ فيكونَ مَعَهُ نَذِيرا أوْ يُلْقَي إلَيهِ كَنْزٌ أوْ تَكُونُ لَهُ جَنّةٌ يأْكُلُ مِنْها } . قال الله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : قل يا محمد لقائلي هذه المقالة لك : إن الله قادر على أن ينزل آية ، يعني : حُجة على ما يريدون ويسألون . { وَلَكِنّ أكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ } . يقول : ولكن أكثر الذين يقولون ذلك فيسألونك آية ، لا يعلمون ما عليهم في الاَية ، إنّ نزْلها من البلاء ، ولا يدرون ما وجه ترك إنزال ذلك عليك ، ولو علموا السبب الذي من أجله لم أنزّلها عليك لم يقولوا ذلك ولم يسألوكه ، ولكن أكثرهم لا يعلمون ذلك .