المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية  
{وَقَالُواْ لَوۡلَا نُزِّلَ عَلَيۡهِ ءَايَةٞ مِّن رَّبِّهِۦۚ قُلۡ إِنَّ ٱللَّهَ قَادِرٌ عَلَىٰٓ أَن يُنَزِّلَ ءَايَةٗ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ} (37)

والضمير في { قالوا } عائد على الكفار ، و { لولا } تحضيض بمعنى : هلا ، قال الشاعر [ جرير ] : [ الطويل ]

تَعُدُّونَ عَقْرَ النّيبِ أفضلَ مَجْدِكُمْ . . . بَنِي ضَوْطرى لولا الكميّ المقنَّعا{[4905]}

ومعنى الآية هلا أنزل على محمد بيان واضح لا يقع معه توقف من أحد ، كملك يشهد له أو أكثر أو غير ذلك من تشططهم المحفوظ في هذا ، فأمر عليه السلام بالرد عليهم بأن الله عز وجل له القدرة على إنزال تلك الآية ، { ولكن أكثرهم لا يعلمون } أنها لو نزلت ولم يؤمنوا لعولجوا بالعذاب ، ويحتمل { ولكن أكثرهم لا يعلمون } إن الله تعالى إنما جعل المصلحة في آيات معرضة للنظر والتأمل ليهتدي قوم ويضل آخرون .


[4905]:- البيت لجرير يهجو قوم الفرزدق، وكان الفرزدق يفتخر بكرم أبيه غالب، وعقره مائة ناقة في معاقرة سُحيم بن وثيل الرياحي في موضع يقال له: (صوأر) على مسيرة يوم من الكوفة، ولذلك يقول جرير أيضا: وقد سرني ألا تعد مجاشع من المجد إلا عقر نيب بصوأر والنّيب: جمع ناب، والنّاب: هي المسنة من النوق، وفي الحديث: (لهم من الصدقة الثّلب والنّاب)، وفي المثل: (لا أفعل ذلك ما حنت النيب). وبنو ضوطرى: تقال للقوم إذا كانوا لا يغنون غناء، والكميّ: الفارس الشجاع الجريء، وجمعه: أكماء. يقول: منتهى فخركم هو ذكر النوق وعقرها، تعدون ذلك أفضل أمجادكم، هلا عددتم الفرسان والشجعان فإن ذلك أفضل وأكرم.