المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{۞قَالَتۡ رُسُلُهُمۡ أَفِي ٱللَّهِ شَكّٞ فَاطِرِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ يَدۡعُوكُمۡ لِيَغۡفِرَ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمۡ وَيُؤَخِّرَكُمۡ إِلَىٰٓ أَجَلٖ مُّسَمّٗىۚ قَالُوٓاْ إِنۡ أَنتُمۡ إِلَّا بَشَرٞ مِّثۡلُنَا تُرِيدُونَ أَن تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعۡبُدُ ءَابَآؤُنَا فَأۡتُونَا بِسُلۡطَٰنٖ مُّبِينٖ} (10)

10- قالت الرسل لأقوامهم - منكرين عليهم شكهم في وجود الله ووحدانيته ، متعجبين من ذلك - أفي وجود الله وألوهيته - وحده - شك ، وهو خالق السماوات والأرض على غير مثال يحتذيه ، وهو يدعوكم ليغفر لكم بعض ذنوبكم التي وقعت منكم قبل الإيمان ، ويؤخركم إلى انتهاء آجالكم ؟ ! قالت الأقوام لرسلهم تعنتاً : ما أنتم إلا بشر مثلنا ، لا فضل لكم علينا يؤهلكم للرسالة . . تريدون أن تمنعونا بما تدعوننا إليه عمَّا كان عليه آباؤنا من العبادة ، فأتونا بحُجة واضحة مما نقترحه عليكم .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{۞قَالَتۡ رُسُلُهُمۡ أَفِي ٱللَّهِ شَكّٞ فَاطِرِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ يَدۡعُوكُمۡ لِيَغۡفِرَ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمۡ وَيُؤَخِّرَكُمۡ إِلَىٰٓ أَجَلٖ مُّسَمّٗىۚ قَالُوٓاْ إِنۡ أَنتُمۡ إِلَّا بَشَرٞ مِّثۡلُنَا تُرِيدُونَ أَن تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعۡبُدُ ءَابَآؤُنَا فَأۡتُونَا بِسُلۡطَٰنٖ مُّبِينٖ} (10)

يخبر تعالى عما دار بين الكفار وبين رسلهم من المجادلة ، وذلك أن أممهم لما واجهوهم بالشك فيما جاءوهم به من عبادة الله وحده لا شريك له ، قالت الرسل : { أَفِي اللَّهِ شَكٌّ }

وهذا يحتمل شيئين ، أحدهما : أفي وجوده شك ، فإن الفطر شاهدة بوجوده ، ومجبولة على الإقرار به ، فإن الاعتراف به ضروري في الفطَر السليمة ، ولكن قد يعرض{[15771]} لبعضها شك واضطراب ، فتحتاج إلى النظر في الدليل الموصل إلى وجوده ؛ ولهذا قالت لهم الرسل ترشدهم إلى طريق معرفته بأنه { فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ } الذي خلقها وابتدعها على غير مثال سبق ، فإن شواهد الحدوث{[15772]} والخلق والتسخير ظاهر عليها ، فلا بد لها من صانع ، وهو الله لا إله إلا هو ، خالق كل شيء وإلهه ومليكه .

والمعنى الثاني في قولهم : { أَفِي اللَّهِ شَكٌّ } أي : أفي إلهيته وتفرده بوجوب العبادة له شك ، وهو الخالق لجميع الموجودات ، ولا{[15773]} يستحق العبادة إلا هو ، وحده لا شريك له ؛ فإن غالب الأمم كانت مقرة بالصانع ، ولكن تعبد{[15774]} معه غيره من الوسائط التي يظنونها تنفعهم أو تقربهم من الله زلفى .

وقالت لهم الرسل : ندعوكم{[15775]} ليغفر لكم من ذنوبكم ، أي : في الدار الآخرة ، { وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى } أي : في الدنيا ، كما قال تعالى : { وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ } الآية [ هود : 3 ] ، فقالت لهم الأمم محاجين في مقام الرسالة ، بعد تقدير تسليمهم للمقام الأول ، وحاصل ما قالوه : { إِنْ أَنْتُمْ إِلا بَشَرٌ مِثْلُنَا } أي : كيف نتبعكم بمجرد قولكم ، ولما نر منكم معجزة ؟ { فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ } أي : خارق نقترحه عليكم .


[15771]:- في ت : "تعرض".
[15772]:- في ت ، أ : "الحدث".
[15773]:- في ت ، أ : "فلا".
[15774]:- في ت ، أ : "يعبد".
[15775]:- في هـ : "وقالت لهم رسلهم : الرسل يدعوكم" ، والمثبت من ت ، أ.
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{۞قَالَتۡ رُسُلُهُمۡ أَفِي ٱللَّهِ شَكّٞ فَاطِرِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ يَدۡعُوكُمۡ لِيَغۡفِرَ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمۡ وَيُؤَخِّرَكُمۡ إِلَىٰٓ أَجَلٖ مُّسَمّٗىۚ قَالُوٓاْ إِنۡ أَنتُمۡ إِلَّا بَشَرٞ مِّثۡلُنَا تُرِيدُونَ أَن تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعۡبُدُ ءَابَآؤُنَا فَأۡتُونَا بِسُلۡطَٰنٖ مُّبِينٖ} (10)

{ قالت رسلهم أفي الله شك } أدخلت همزة الإنكار على الظرف لأن الكلام في المشكوك فيه لا في الشك . أي إنما ندعوكم إلى الله وهو لا يحتمل الشك لكثرة الأدلة وظهور دلالتها عليه . وأشاروا إلى ذلك بقولهم : { فاطر السماوات والأرض } وهو صفة أو بدل و{ شك } مرتفع بالظرف . { يدعوكم } إلى الإيمان ببعثه إيانا . { ليغفر لكم } أو يدعوكم إلى المغفرة كقولك : دعوته لينصرني ، على إقامة المفعول له مقام المفعول به . { من ذنوبكم } بعض ذنوبكم وهو ما بينكم وبينه تعالى ، فإن الإسلام يجبه دون المظالم ، وقيل جيء بمن في خطاب الكفرة دون المؤمنين في جميع القرآن تفرقة بي الخطابين ، ولعل المعنى فيه أن المغفرة حيث جاءت في خطاب الكفار مرتبة على الإيمان وحيث جاءت في خطاب المؤمنين مشفوعة بالطاعة والتجنب عن المعاصي ونحو ذلك فتتناول الخروج عن المظالم . { ويؤخّركم إلى أجل مسمّى } إلى وقت سماه الله تعالى وجعله آخر أعماركم . { قالوا إن أنتم إلا بشر مثلنا } لا فضل لكم علينا فلم تخصون بالنبوة دوننا ولو شاء الله أن يبعث إلى البشر رسلا لبعث من جنس أفضل . { تريدون أن تصدّونا عما كان يعبد آباؤنا } بهذه الدعوى . { فأتونا بسلطان مبين } يدل على فضلكم واستحقاقكم لهذه المزية ، أو على صحة ادعائكم النبوة كأنهم لم يعتبروا ما جاءوا به من البينات والحجج واقترحوا عليهم آية أخرى تعنتا ولجاجا .