ذلك هو الأمر المستيقن ، الذي يدعوهم إليه محمد [ صلى الله عليه وسلم ] فأما هم فعلام يستدنون في عبادتهم وآلهتهم وأساطيرهم ? علام يستندون في عبادتهم لللات والعزى ومناة ? وفي ادعائهم الغامض أنهن ملائكة ، وأن الملائكة بنات الله ? وأن لهن شفاعة ترتجى عند الله ? إلى أي بينة ? وإلى أية حجة ? وإلى أي سلطان يرتكنون في هذه الأوهام ? هذا ما يعالجه المقطع الثاني في السورة :
أفرأيتم اللات والعزى ، ومناة الثالثة الأخرى . ألكم الذكر وله الأنثى ? تلك إذن قسمة ضيزى ! إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم وآبائكم ما أنزل الله بها من سلطان . إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس ، ولقد جاءهم من ربهم الهدى . أم للإنسان ما تمنى ? فلله الآخرة والأولى . وكم من ملك في السماوات لا تغني شفاعتهم شيئا َ ، إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى . إن الذين لا يؤمنون بالآخرة ليسمون الملائكة تسمية الأنثى . وما لهم به من علم ، إن يتبعون إلا الظن ، وإن الظن لا يغني من الحق شيئا . .
وكانت( اللات )صخرة بيضاء منقوشة ، وعليها بيت بالطائف له أستار وسدنة ، وحوله فناء معظم عند أهل الطائف وهم ثقيف ومن تابعها ، يفتخرون بها على من عداهم من أحياء العرب عدا قريش لأن عندهم الكعبة بيت إبراهيم عليه السلام . ويظن ان اسمها [ اللات ] مؤنث لفظ الجلالة " الله " . سبحانه وتعالى .
وكانت [ العزى ] شجرة عليها بناء وأستار بنخلة - وهي بين مكة والطائف - وكانت قريش تعظمها . كما قال أبو سفيان يوم أحد . لنا العزى ولا عزى لكم . فقال رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] : " قولوا : الله مولانا ولا مولى لكم " . ويظن أن اسمها [ العزى ] مؤنث( العزيز ) . .
قوله تعالى : { أفرأيتم } مخاطبة لقريش ، وهي من رؤية العين ، لأنه أحال على أجرام مرئية ، ولو كانت : أرأيت : التي هي استفتاء لم تتعد . ولما فرغ من ذكر عظمة الله وقدرته ، قال على جهة التوقيف : أرأيتم هذه الأوثان وحقارتها وبعدها عن هذه القدرة والصفات العلية و : { اللات } اسم صنم كانت العرب تعظمه ، قال أبو عبيدة وغيره : كان في الكعبة ، وقال قتادة : كان بالطائف . وقال ابن زيد : كان بنخلة عند سوق عكاظ ، وقول قتادة أرجح يؤيده قول الشاعر : [ المتقارب ]
وفرّت ثقيف إلى لاتها*** بمنقلب الخائب الخاسر{[10703]}
والتاء في : { اللات } لام فعل كالباء من باب ، وقال قوم هي تاء تأنيث ، والتصريف يأبى ذلك ، وقرأ ابن عباس ومجاهد وأبو صالح : «اللاّت » بشد التاء ، وقالوا : كان هذا الصنم حجراً وكان عنده رجل من بهز يلت سويق الحاج على ذلك الحجر ويخدم الأصنام ، فلما مات عبدوا الحجر الذي كان عنده إجلالاً لذلكا لرجل وسموه باسمه ، ورويت هذه القراءة عن ابن كثير وابن عامر{[10704]} ، { والعزى } : صخرة بيضاء كانت العرب تعبدها وتعظمها ، قاله سعيد بن جبير وقال ابن مجاهد : كانت شجيرات تعبد ثم ببلاها انتقل أمرها إلى صخرة . و «عزى » مؤنثة عزيز ككبرى وعظمى{[10705]} ، وكانت هذه الأوثان تعظم الوثن منها قبيلة وتعبدها ، ويجيء كل من عز من العرب فيعظمها بتعظيم حاضرها . وقال أبو عبيدة معمر : كانت { العزى } { ومناة } في الكعبة ، وقال ابن زيد : وكانت { العزى } بالطائف ، وقال قتادة : كانت بنخلة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.