المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَمَا عَلَى ٱلَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنۡ حِسَابِهِم مِّن شَيۡءٖ وَلَٰكِن ذِكۡرَىٰ لَعَلَّهُمۡ يَتَّقُونَ} (69)

69- وليس على الذين يتقون الله شيء من إثم هؤلاء الظالمين ، إذا استمروا على ضلالهم ، ولكن يجب أن يُذكِّروهم ، لعلهم يخشون عذاب الله ويكفون عن الباطل .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَمَا عَلَى ٱلَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنۡ حِسَابِهِم مِّن شَيۡءٖ وَلَٰكِن ذِكۡرَىٰ لَعَلَّهُمۡ يَتَّقُونَ} (69)

66

ثم يكرر السياق المفاصلة بين المؤمنين والمشركين ، كما قررها من قبل بين الرسول [ ص ] وبين المشركين . ويقرر اختلاف التبعة واختلاف المصير :

( وما على الذين يتقون من حسابهم من شيء ، ولكن ذكرى لعلهم يتقون ) . .

فليست هنالك تبعة مشتركة بين المتقين والمشركين . فهما أمتان مختلفتان - وإن اتحدتا في الجنس والقوم فهذه لا وزن لها في ميزان الله ، ولا في اعتبار الإسلام . . إنما المتقون أمة ، والظالمون [ أي المشركون ] أمة ، وليس على المتقين شيء من تبعة الظالمين وحسابهم . ولكنهم إنما يقومون بتذكيرهم رجاء أن يتقوا مثلهم ، وينضموا إليهم . . وإلا فلا مشاركة في شيء ، إذا لم تكن مشاركة في عقيدة !

هذا دين الله وقوله . . ولمن شاء أن يقول غيره . ولكن ليعلم أنه يخرج من دين الله كله إذ يقول ما يقول !

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَمَا عَلَى ٱلَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنۡ حِسَابِهِم مِّن شَيۡءٖ وَلَٰكِن ذِكۡرَىٰ لَعَلَّهُمۡ يَتَّقُونَ} (69)

{ وما على الذين يتقون من حسابهم } الآية ، والمراد ب { الذين } هم المؤمنون . والضمير في { حسابهم } عائد على { الذين يخوضون } ومن قال : إن المؤمنين داخلون في قوله : { فأعرض } قال إن النبي عليه السلام داخل في هذا القصد ب { الذين يتقون } ، والمعنى عندهم على ما روي أن المؤمنين قالوا لما نزلت فلا تقعد معهم قالوا : إذا كنا لا نضرب المشركين ولا نسمع أقوالهم فما يمكننا طواف ولا قضاء عبادة في الحرم فنزلت لذلك { وما على الذين يتقون } .

قال القاضي أبو محمد : فالإباحة في هذا هي في القدر الذي يحتاج إليه من التصرف بين المشركين في عبادة ونحوها ، وقال بعض من يقول إن النبي عليه السلام داخل في { الذين يتقون } وإن المؤمنين داخلون في الخطاب الأول أن هذه الآية الأخيرة ليست إباحة بوجه ، وإنما معناها لا تقعدوا ولا تقربوهم حتى تسمعوا استهزاءهم وخوضهم ، وليس نهيكم عن القعود لأن عليكم شيئاً من حسابهم وإنما هو ذكرى لكم ، ويحتمل المعنى أن يكون لهم لعلهم إذا جانبتموهم يتقون بالإمساك عن الاستهزاء ، وأما من قال إن الخطاب الأول هو مجرد للنبي صلى الله عليه وسلم لثقل مفارقته مغضباً على الكفار فإنه قال في هذه الآية الثانية إنها مختصة بالمؤمنين ، ومعناها الإباحة ، فكأنه قال : فلا تقعد معهم يا محمد وأما المؤمنون فلا شيء عليهم من حسابهم فإن قعدوا فليذكروهم لعلهم يتقون الله في ترك ما هم فيه .

قال القاضي أبو محمد : وهذا القول أشار إليه النقاش ولم يوضحه ، وفيه عندي نظر ، وقال قائل هذه المقالة : إن هذه الإباحة للمؤمنين نسخت بآية النساء قوله تعالى : { وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره }{[4957]} [ النساء : 140 ] وكذلك أيضاً من قال أولاً :«إن الإباحة كانت بحسب العبادات » يقول إن هذه الآية التي في النساء ناسخة لذلك إذ هي مدنية ، والإشارة بقوله : { وقد نزل } [ النساء : 140 ] إليها بنفسها فتأمله ، وإلا فيجب أن يكون الناسخ غيرها ، و { ذكرى } على هذا القول يحتمل أن يكون ذكر وهم ذكرى ، ويحتمل ولكن أعرضوا متى أعرضتم في غير وقت العبادة ذكرى ، و { ذكرى } على كل قول يحتمل أن تكون في موضع نصب بإضمار فعل أو رفع وإضمار مبتدأ ، وينبغي للمؤمن أن يمتثل حكم هذه الآية مع الملحدين وأهل الجدال والخوض فيه ، حكى الطبري عن أبي جعفر أنه قال : لا تجالسوا أهل الخصومات فإنهم الذين يخوضون في آيات الله .


[4957]:- من الآية (140) من سورة (النساء)