تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَمَا عَلَى ٱلَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنۡ حِسَابِهِم مِّن شَيۡءٖ وَلَٰكِن ذِكۡرَىٰ لَعَلَّهُمۡ يَتَّقُونَ} (69)

الآية 69 وقوله تعالى : { وما على الذين يتقون من حسابهم من شيء } قيل : فيه رخصة الجلوس معهم ، وهو كقوله تعالى : { ما عليك من حسابهم من شيء وما من حسابك عليهم من شيء } [ الأنعام : 52 ] ثم نسخ ذلك بقوله تعالى : { وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره } [ النساء : 140 ] .

وكان النهي عن مجالستهم ليس الجلوس نفسه ، ولكن ما ذكرنا من خوضهم في آيات الله بالاستهزاء بها والكفر بها ، هو الذي كان يحملهم على ذلك ، ليس ألا يجوز أن تجالسوهم ، وكذلك ما نهانا أن نسبهم ليس ألا يجوز لنا أن نسبهم ، ولكن لما كان سبنا إياهم هو الذي يحملهم على سب الله { ولكن ذكرى لعلهم يتقون } .

يحتمل النهي عن القعود معهم [ وجهين :

أحدهما : ]{[7234]} أنه نهى هؤلاء عن القعود معهم لما كان أهل النفاق يجالسونهم ، ويستهزئون بالآيات ، ويكفرون بها ، فنهى هؤلاء عن ذلك ليرتدع أهل النفاق عن مجالستهم .

والثاني : أنه نهى المؤمنين عن مجالستهم ليمتنعوا عن صنيعهم حياء منهم لأنهم لو امتنعوا عن مجالستهم ، لمنعهم{[7235]} ذلك عن الاستهزاء بها والكفر بها لما كانوا يرغبون في مجالسة المؤمنين ، فيتذكرون عند قيامهم عنهم ، فيتقون الخوض والاستهزاء ، وإلا{[7236]} يخافون أن [ يعرفوا في الناس بترك المؤمنين مجالستهم ]{[7237]} ، فيحملهم ذلك على الكف عن الاستهزاء بالآيات وبرسول الله صلى الله عليه وسلم .


[7234]:- في الأصل وم: وجوها.
[7235]:- في الأصل وم: فيمنعهم.
[7236]:- في الأصل وم: ولا.
[7237]:- في الأصل وم: يصرفوك في الناس بترك مجالستهم المؤمنين.