إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَمَا عَلَى ٱلَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنۡ حِسَابِهِم مِّن شَيۡءٖ وَلَٰكِن ذِكۡرَىٰ لَعَلَّهُمۡ يَتَّقُونَ} (69)

{ وَمَا عَلَى الذين يَتَّقُونَ } رُوي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن المسلمين حين نُهوا عن مجالستهم عند خوضِهم في الآيات قالوا : لئن كنا نقول كلما استهزؤا بالقرآن لم نستطِعْ أن نجلِسَ في المسجد الحرام ونطوفَ بالبيت فنزلت . أي ما على الذين يتقون قبائحَ أعمالِ الخائضين وأحوالَهم { مِنْ حِسَابِهِم } أي مما يُحاسَبون عليه من الجرائر { مِن شيء } أي شيءٌ ما على أنه في محل الرفع على أنه مبتدأ ، وما تميمية أو اسم لها وهي حجازية و( من ) مزيدة للاستغراق و( من حسابهم ) حال منه و( على الذين يتقون ) في محل الرفع على أنه خبر للمبتدأ أو لما الحجازية على رأي من لا يُجيز إعمالَها في الخبر المقدَّم مطلقاً ، أو في محل النصب على رأي من يجوِّز إعمالَها في الخبر المقدّم عند كونه ظرفاً أو حرف جر . { ولكن ذكرى } استدراك من النفي السابق أي ولكن عليهم أن يذكِّروهم ويمنعوهم عما هم عليه من القبائح بما أمكن من العِظة والتذكير ويُظهروا لهم الكراهَةَ والنكيرَ ، ومحل ( ذكرى ) إما النصبُ على أنه مصدرٌ مؤكِّد للفعل المحذوف أي عليهم أن يذكّروهم تذكيراً أو الرفع على أنه مبتدأ محذوفُ الخبر ، أي ولكن عليهم ذكرى { لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ } أي يجتنبون الخوضَ حياءً أو كراهةً لمسَاءتهم ، وقد جُوِّز كونُ الضمير للموصول أي يذكّروهم رجاءَ أن يثبُتوا على تقواهم أو يزدادوها .