المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَدَّ كَثِيرٞ مِّنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ لَوۡ يَرُدُّونَكُم مِّنۢ بَعۡدِ إِيمَٰنِكُمۡ كُفَّارًا حَسَدٗا مِّنۡ عِندِ أَنفُسِهِم مِّنۢ بَعۡدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ ٱلۡحَقُّۖ فَٱعۡفُواْ وَٱصۡفَحُواْ حَتَّىٰ يَأۡتِيَ ٱللَّهُ بِأَمۡرِهِۦٓۗ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ} (109)

109- ولقد تمنى كثير من اليهود أن يردوكم - أيها المسلمون - إلى الكفر بعد إيمانكم ، مع أنه قد تبين لهم من كتابهم نفسه أنكم على الحق ، وما ذلك إلا لأنهم يحسدونكم ويخشون أن ينتقل إليكم السلطان ويفلت من أيديهم ، فأعرضوا عنهم ، واعفوا واصفحوا حتى يأذن الله لكم بمسلك آخر حيالهم ، فهو القادر على أن يمكنكم منهم ، وهو على كل شيء قدير .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَدَّ كَثِيرٞ مِّنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ لَوۡ يَرُدُّونَكُم مِّنۢ بَعۡدِ إِيمَٰنِكُمۡ كُفَّارًا حَسَدٗا مِّنۡ عِندِ أَنفُسِهِم مِّنۢ بَعۡدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ ٱلۡحَقُّۖ فَٱعۡفُواْ وَٱصۡفَحُواْ حَتَّىٰ يَأۡتِيَ ٱللَّهُ بِأَمۡرِهِۦٓۗ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ} (109)

104

( ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا ، حسدا من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق ) . .

وذلك ما يفعله الحقد اللئيم بالنفوس . . الرغبة في سلب الخير الذي يهتدي إليه الآخرون . . لماذا ؟ لا لأن هذه النفوس الشريرة لا تعلم . ولكنها لأنها تعلم !

( حسدا من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق ) . .

والحسد هو ذلك الانفعال الأسود الخسيس الذي فاضت به نفوس اليهود تجاه الإسلام والمسلمين ، وما زالت تفيض ، وهو الذي انبعثت منه دسائسهم وتدبيراتهم كلها وما تزال . وهو الذي يكشفه القرآن للمسلمين ليعرفوه ، ويعرفوا أنه السبب الكامن وراء كل جهود اليهود لزعزعة العقيدة في نفوسهم ؛ وردهم بعد ذلك إلى الكفر الذي كانوا فيه ، والذي أنقدهم الله منه بالإيمان ، وخصهم بهذا بأعظم الفضل وأجل النعمة التي تحسدهم عليها يهود !

وهنا - في اللحظة التي تتجلى فيها هذه الحقيقة ، وتنكشف فيها النية السيئة والحسد اللئيم - هنا يدعو القرآن المؤمنين إلى الارتفاع عن مقابلة الحقد بالحقد ، والشر بالشر ، ويدعوهم إلى الصفح والعفو حتى يأتي الله بأمره ، وقتما يريد :

( فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره . إن الله على كل شيء قدير ) . .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَدَّ كَثِيرٞ مِّنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ لَوۡ يَرُدُّونَكُم مِّنۢ بَعۡدِ إِيمَٰنِكُمۡ كُفَّارًا حَسَدٗا مِّنۡ عِندِ أَنفُسِهِم مِّنۢ بَعۡدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ ٱلۡحَقُّۖ فَٱعۡفُواْ وَٱصۡفَحُواْ حَتَّىٰ يَأۡتِيَ ٱللَّهُ بِأَمۡرِهِۦٓۗ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ} (109)

{ ود كثير من أهل الكتاب } يعني أحبارهم . { لو يردونكم } أن يردوكم ، فإن لو تنوب عن إن في المعنى دون اللفظ : { من بعد إيمانكم كفارا } مرتدين ، وهو حال من ضمير المخاطبين { حسدا } علة ود . { من عند أنفسهم } يجوز أن يتعلق بود ، أي تمنوا ذلك من عند أنفسهم وتشهيهم ، لا من قبل التدين والميل مع الحق أو بحسدا أي حسدا بالغا منبعثا من أصل نفوسهم { من بعد ما تبين لهم الحق } بالمعجزات والنعوت المذكورة في التوراة { فاعفوا واصفحوا } العفو ترك عقوبة المذنب ، والصفح ترك تثريبه . { حتى يأتي الله بأمره } الذي هو الإذن في قتالهم وضرب الجزية عليهم ، أو قتل بني قريظة وإجلاء بني النضير . وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه منسوخ بآية السيف ، وفيه نظر إذ الأمر غير مطلق { إن الله على كل شيء قدير } فيقدر على الانتقام منهم .