بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَدَّ كَثِيرٞ مِّنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ لَوۡ يَرُدُّونَكُم مِّنۢ بَعۡدِ إِيمَٰنِكُمۡ كُفَّارًا حَسَدٗا مِّنۡ عِندِ أَنفُسِهِم مِّنۢ بَعۡدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ ٱلۡحَقُّۖ فَٱعۡفُواْ وَٱصۡفَحُواْ حَتَّىٰ يَأۡتِيَ ٱللَّهُ بِأَمۡرِهِۦٓۗ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ} (109)

قوله تعالى : { وَدَّ كَثِيرٌ مّنْ أَهْلِ الكتاب } ؛ وذلك أن المسلمين لما أصابتهم المحنة يوم أحد ، قالت اليهود لعمار بن ياسر وحذيفة بن اليمان : قد أصابكم ما أصابكم فارجعوا إلى ديننا فهو خير لكم ، فنزلت هذه الآية { وَدَّ كَثِيرٌ مّنْ أَهْلِ الكتاب } أي يريد ويتمنى كثير من أهل الكتاب { لَوْ يَرُدُّونَكُم } ، أي يصدونكم ويردونكم عن التوحيد { مِن بَعْدِ إيمانكم كُفَّارًا } إلى الكفر .

ثم أخبر أن هذا القول لم يكن منهم على وجه النصيحة ، ولكن ذلك القول كان { حَسَدًا مّنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ } ما في التوراة أنه { الحق } ، يعني أن دين محمد صلى الله عليه وسلم هو الحق ، { فاعفوا واصفحوا } ، أي : اتركوهم وأعرضوا عنهم { حتى يَأْتِيَ الله بِأَمْرِهِ } ، يعني الأمر بالقتال ؛ وكان ذلك قبل أن يؤمر بقتال أهل الكتاب ، ثم أمرهم بعد ذلك بالقتال ، وهو قوله تعالى : { قاتلوا الذين لاَ يُؤْمِنُونَ بالله وَلاَ باليوم الآخر وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ الله وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الحق مِنَ الذين أُوتُواْ الكتاب حتى يُعْطُواْ الجزية عَن يَدٍ وَهُمْ صاغرون } [ التوبة : 29 ] . إلى قوله :{ إِنَّ الله على كُلِّ شَىْء قَدِيرٌ } من النصرة للمسلمين على الكفار . ويقال : هو قتل بني قريظة وإجلاء بني النضير .