التفسير الصحيح لبشير ياسين - بشير ياسين  
{وَدَّ كَثِيرٞ مِّنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ لَوۡ يَرُدُّونَكُم مِّنۢ بَعۡدِ إِيمَٰنِكُمۡ كُفَّارًا حَسَدٗا مِّنۡ عِندِ أَنفُسِهِم مِّنۢ بَعۡدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ ٱلۡحَقُّۖ فَٱعۡفُواْ وَٱصۡفَحُواْ حَتَّىٰ يَأۡتِيَ ٱللَّهُ بِأَمۡرِهِۦٓۗ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ} (109)

قوله تعالى{ ود كثير من اهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا }

أخرج ابن أبي حاتم بسنده عن ابن إسحاق بسنده الحسن عن ابن عباس قال : فكان حيي بن أخطب ، وأبو ياسر بن أخطب من أشد يهود للعرب حسدا غذ خصهم الله برسوله . وكانا جاهدين في رد الناس عن الإسلام بما استطاعا فأنزل الله تعالى فيهما{ ود كثير من اهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق } .

واخرج عبد الرزاق عن معمر عن الزهري في قوله{ ود كثير من أهل الكتاب }قال : هو كعب بن الأشرف .

( التفسير ص44 ) ، وإسناده صحيح .

قوله تعالى{ من بعد ما تبين لهم الحق }

أخرج ابن أبي حاتم بسنده الجيد عن أبي العالية في قوله{ من بعد ما تبين لهم الحق }من بعد ما تبين لهم ان محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل فكفروا به حسدا وبغيا إذ كان من غيرهم .

واخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة{ من بعد ما تبين لهم الحق }من بعد ما تبين لهم ان محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم والإسلام دين الله .

قوله تعالى{ فأعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره }

أخرج الطبري وابن حاتم بسنديهما الحسن عن علي بن أبي طلحة في قوله{ فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره }نسخ ذلك كله بقوله{ فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم }التوبة : 5 ، وقوله { قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر }إلى قوله{ وهم صاغرون }التوبة : 29 ، فنسخ هذا .

واللفظ لابن أبي حاتم . وأخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة بنحوه ( التفسير ص44 ) . وكذا اخرجه ابن أبي حاتم بسنده الجيد عن أبي العالية .

أخرج البخاري بسنده عن عروة بن الزبير ان أسامة بن زيد رضي الله عنهما اخبره ان رسول الله صلى الله عليه وسلم ركب على حمار ، على قطيفة فدكية ، وأردف أسامة ابن زيد وراءه يعود سعد بن عبادة في بني الحارث بن الخزرج قبل وقعة بدر قال حتى مر بمجلس فيه عبد الله بن أبي ابن سلول ، وذلك فبل ان يسلم عبد الله ابن أبي فإذا في المجلس أخلاط من المسلمين والمشركين عبدة الأوثان واليهود والمسلمين وفي المجلس عبد الله بن رواحه ، فلما غشيت المجلس عجاجه الدابة خمر عبد الله بن أبي انفه بردائه ، ثم قال لاتغبروا علينا ، فسلم رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم ثم وقف فنزل ، فدعاهم إلى الله ، وقرأ عليهم القرآن ، فقال عبد الله بن أبي ابن سلول أيها المرء إنه لا أحسن مما تقول ، إن كان حقا ، فلا تؤذينا به في مجلسنا ، ارجع إلى رحلك ، فمن جاءك فاقصص عليه ، فقال عبد الله بن رواحه بلى يا رسول الله ، فاغشنا به في مجالسنا ، فإنا نحب ذلك ، فاستب المسلمون والمشركون واليهود حتى كادوا يتثاورون فلم يزل النبي صلى الله عليه وسلم يخفضهم حتى سكنوا ثم ركب النبي صلى الله عليه وسلم دابته فسار حتى دخل على سعد بن عبادة ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم يا سعد ألم تسمع ما قال أبو حباب يريد عبد الله بن أبي قال كذا وكذا قال سعد بن عبادة يا رسول الله ، اعف عنه ، واصفح عنه ، فو الذي انزل عليك الكتاب لقد جاء الله بالحق الذي أنزل عليك لقد اصطلح اهل هذه البحيرة على ان يتوجوه فيعصبونه بالعصابة ، فلما أبي الله ذلك بالحق الذي أعطاك الله شرق بذلك ، فذلك فعل به ما رأيت ، فعفا عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه يعفون عن المشركين ، وأهل الكتاب ، كما أمرهم الله ويصبرون على الأذى ، قال الله عز وجل{ ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا }الآية ، وقال الله{ ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم }إلى آخر الآية ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يتأول العفو ما امره الله به ، حتى أذن الله فيهم فلما غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم بدرا ، فقتل الله به صناديد كفار قريش ، قال ابن أبي ابن سلول ومن معه من المشركين وعبدة الأوثان ، هذا امر قد توجه فبايعوا الرسول صلى الله عليه وسلم على الإسلام فأسلموا .

( الصحيح رقم 4566-التفسير-آل عمران ، ب{ ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا } ) .