المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{فَٱسۡتَقِمۡ كَمَآ أُمِرۡتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطۡغَوۡاْۚ إِنَّهُۥ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِيرٞ} (112)

112- وإذا كان هذا هو حال الأمم التي جاءها كتاب من اللَّه فاختلفت فيه وخرجت عليه ، فداوم أنت ومن معك من المؤمنين على التزام الطريق المستقيم كما أمرك الله ، ولا تجاوزوا حدود الاعتدال بتقصير أو إهمال ومغالاة في تكليف أنفسكم ما لا تطيقون . إنه سبحانه محيط علمه بكل ما تعملون فيجازيكم عليه .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَٱسۡتَقِمۡ كَمَآ أُمِرۡتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطۡغَوۡاْۚ إِنَّهُۥ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِيرٞ} (112)

100

ذلك البيان مع هذا التوكيد يلقي في النفس أن سنة الله ماضية على استقامتها في خلقه وفي دينه وفي وعده وفي و عيده . وإذن فليستقم المؤمنون بدين الله والداعون له على طريقتهم - كما أمروا - لا يغلون في الدين ولا يزيدون فيه ، ولا يركنون إلى الظالمين مهما تكن قوتهم ، ولا يدينون لغير الله مهما طال عليهم الطريق . ثم يتزودون بزاد الطريق ، ويصبرون حتى تتحقق سنة الله عندما يريد .

( فاستقم كما أمرت - ومن تاب معك - ولا تطغوا . إنه بما تعملون بصير . ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار ، وما لكم من دون الله من أولياء ثم لا تنصرون . وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل ، إن الحسنات يذهبن السيئات ، ذلك ذكرى للذاكرين ، واصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين ) . .

هذا الأمر للرسول [ ص ] ومن تاب معه :

( فاستقم كما أمرت ) . . أحس - عليه الصلاة والسلام - برهبته وقوته حتى روي عنه أنه قال مشيرا إليه : " شيبتني هود . . . " . فالاستقامة : الاعتدال والمضي على النهج دون انحراف . وهو في حاجة إلى اليقظة الدائمة ، والتدبر الدائم ، والتحري الدائم لحدود الطريق ، وضبط الانفعالات البشرية التي تميل الاتجاه قليلا أو كثيرا . . ومن ثم فهي شغل دائم في كل حركة من حركات الحياة .

وإنه لمما يستحق الانتباه هنا أن النهي الذي أعقب الأمر بالاستقامة ، لم يكن نهيا عن القصور والتقصير ، إنما كان نهيا عن الطغيان والمجاوزة . . وذلك أن الأمر بالاستقامة وما يتبعه في الضمير من يقظة وتحرج قد ينتهي إلى الغلو والمبالغة التي تحول هذا الدين من يسر إلى عسر . والله يريد دينه كما أنزله ، ويريد الاستقامة على ما أمر دون إفراط ولا غلو ، فالإفراط والغلو يخرجان هذا الدين عن طبيعته كالتفريط والتقصير . وهي التفاتة ذات قيمة كبيرة ، لإمساك النفوس على الصراط ، بلا انحراف إلى الغلو أو الإهمال على السواء . .

( إنه بما تعملون بصير ) . .

والبصر - من البصيرة - مناسب في هذا الموضع ، الذي تتحكم فيه البصيرة وحسن الإدراك والتقدير . .

فاستقم - أيها الرسول - كما أمرت . ومن تاب معك . . .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{فَٱسۡتَقِمۡ كَمَآ أُمِرۡتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطۡغَوۡاْۚ إِنَّهُۥ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِيرٞ} (112)

يأمر تعالى رسوله وعباده المؤمنين بالثبات والدوام على الاستقامة ، وذلك من أكبر العون على النصر على الأعداء ومخالفة الأضداد ونهى عن الطغيان ، وهو البغي ، فإنه مَصرَعة حتى ولو كان على مشرك . وأعلم تعالى أنه بصير بأعمال العباد ، لا يغفل عن شيء ، ولا يخفى عليه شيء .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{فَٱسۡتَقِمۡ كَمَآ أُمِرۡتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطۡغَوۡاْۚ إِنَّهُۥ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِيرٞ} (112)

{ فاستقم كما أُمرت } لما بين أمر المختلفين في التوحيد والنبوة ، وأطنب في شرح الوعد والوعيد أمر رسوله صلى الله عليه وسلم بالاستقامة مثل ما أمر بها وهي شاملة للاستقامة في العقائد كالتوسط بين التشبيه والتعطيل بحيث يبقى العقل مصونا من الطرفين ، والأعمال من تبليغ الوحي وبيان الشرائع كما أنزل ، والقيام بوظائف العبادات من غير تفريط وإفراط مفوت للحقوق ونحوهما وهي في غاية العسر ولذلك قال عليه الصلاة والسلام " شيبتني هود " . { ومن تاب معك } أي تاب من الشرك والكفر وآمن معك ، وهو عطف على المستكن في استقم وإن لم يؤكد بمنفصل لقيام الفاصل مقامه . { ولا تطغوا } ولا تخرجوا عما حد لكم . { إنه بما تعملون بصير } فهو مجازيكم عليه ، وهو في معنى التعليل للأمر والنهي . وفي الآية دليل على وجوب اتباع النصوص من غير تصرف وانحراف بنحو قياس واستحسان .