ثم أمر سبحانه رسوله صلى الله عليه وسلم بكلمة جامعة لأنواع الطاعة له سبحانه ، فقال : { فاستقم كَمَا أُمِرْتَ } أي : كما أمرك الله ، فيدخل في ذلك جميع ما أمره به وجميع ما نهاه عنه ، لأنه قد أمره بتجنب ما نهاه عنه ، كما أمره بفعل ما تعبده بفعله ، وأمته أسوته في ذلك ، ولهذا قال : { وَمَن تَابَ مَعَكَ } أي : رجع من الكفر إلى الإسلام ، وشاركك في الإيمان ، وهو معطوف على الضمير في فاستقم ؛ لأن الفصل بين المعطوف والضمير المرفوع المعطوف عليه يقوم مقام التأكيد : أي : وليستقم من تاب معك ، وما أعظم موقع هذه الآية وأشدّ أمرها ، فإن الاستقامة كما أمر الله لا تقوم بها إلا الأنفس المطهرة ، والذوات المقدسة ، ولهذا يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم : «شيبتني هود » كما تقدّم { وَلاَ تَطْغَوْا } الطغيان : مجاوزة الحد ، لما أمر الله سبحانه بالاستقامة المذكورة بين أن الغلوّ في العبادة ، والإفراط في الطاعة على وجه تخرج به عن الحد الذي حدّه ، والمقدار الذي قدّره ممنوع منه منهيّ عنه ، وذلك كمن يصوم ولا يفطر ، ويقوم الليل ولا ينام ، ويترك الحلال الذي أذن الله به ورغب فيه ، ولهذا يقول الصادق المصدوق فيما صح عنه :
«أما أنا فأصوم وأفطر ، وأقوم وأنام ، وأنكح النساء ؛ فمن رغب عن سنتي فليس مني » والخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم ولأمته تغليباً لحالهم على حاله ، أو النهي عن الطغيان خاص بالأمة { إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } يجازيكم على حسب ما تستحقون ، والجملة تعليل لما قبلها .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.