المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَٱللَّهُ أَخۡرَجَكُم مِّنۢ بُطُونِ أُمَّهَٰتِكُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ شَيۡـٔٗا وَجَعَلَ لَكُمُ ٱلسَّمۡعَ وَٱلۡأَبۡصَٰرَ وَٱلۡأَفۡـِٔدَةَ لَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ} (78)

78- والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تدركون شيئاً مما يحيط بكم ، وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة ، وسائل للعلم والإدراك ، لتؤمنوا به عن طريق العلم ، وتشكروه على ما تفضل به عليكم{[116]} .


[116]:أثبت الطب الحديث أن حاسة السمع تبدأ مبكرة جدا في حياة الطفل في الأسابيع القليلة الأولى، أما البصر فيبدأ في الشهر الثالث، ولا يتم تركيز الإبصار إلا بعد الشهر السادس، أما الفؤاد وهو الإدراك والتمييز، فلا يتم إلا بعد ذلك، وهكذا فالترتيب الذي جاءت به آيات القرآن الكريم هو ترتيب ممارسة هذه الحواس لوظائفها.
 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَٱللَّهُ أَخۡرَجَكُم مِّنۢ بُطُونِ أُمَّهَٰتِكُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ شَيۡـٔٗا وَجَعَلَ لَكُمُ ٱلسَّمۡعَ وَٱلۡأَبۡصَٰرَ وَٱلۡأَفۡـِٔدَةَ لَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ} (78)

77

ويقرب القرآن الأمر بعرض مثل صغير من حياة البشر ، تعجز عنه قواهم ويعجز عنه تصورهم ، وهو يقع في كل لحظة من ليل أو نهار :

( والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا ، وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون ) .

وهو غيب قريب ، ولكنه موغل بعيد . وأطوار الجنين قد يراها الناس ، ولكنهم لا يعلمون كيف تتم ، لأن سرها هو سر الحياة المكنون . والعلم الذي يدعيه الإنسان ويتطاول به ويريد أن يختبر به أمر الساعة وأمر الغيب ، علم حادث مكسوب : ( والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا ) ومولد كل عالم وكل باحث ، ومخرجه من بطن أمه لا يعلم شيئا قريب قريب ! وما كسبه بعد ذلك من علم هبة من الله بالقدر الذي أراده للبشر ، وجعل فيه كفاية حياتهم على هذا الكوكب ، في المحيط المكشوف لهم من هذا الوجود : ( وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة )والقرآن يعبر بالقلب ويعبر بالفؤاد عن مجموع مدارك الإنسان الواعية ؛ وهي تشمل ما اصطلح على أنه العقل ، وتشمل كذلك قوى الإلهام الكامنة المجهولة الكنه والعمل . جعل لكم السمع والأبصار والأفئدة ( لعلكم تشكرون )حين تدركون قيمة النعمة في هذه وفي سواها من آلاء الله عليكم . وأول الشكر : الإيمان بالله الواحد المعبود .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَٱللَّهُ أَخۡرَجَكُم مِّنۢ بُطُونِ أُمَّهَٰتِكُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ شَيۡـٔٗا وَجَعَلَ لَكُمُ ٱلسَّمۡعَ وَٱلۡأَبۡصَٰرَ وَٱلۡأَفۡـِٔدَةَ لَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ} (78)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَاللّهُ أَخْرَجَكُم مّن بُطُونِ أُمّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ الْسّمْعَ وَالأبْصَارَ وَالأفْئِدَةَ لَعَلّكُمْ تَشْكُرُونَ } .

يقول تعالى ذكره : والله تعالى أعلمكم ما لم تكونوا تعلمون ، من بعد ما أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعقلون شيئا ولا تعلمون ، فرزقكم عقولاً تفقهون بها ، وتميزون بها الخير من الشرّ ، وبصرّكم بها ما لم تكونوا تبصرون ، وجعل لكم السمع الذي تسمعون به الأصوات ، فيفقه بعضكم عن بعض ما تتحاورون به بينكم ، والأبصار التي تبصرون بها الأشخاص ، فتتعارفون بها وتميزون بها بعضا من بعض . و " الأفْئِدَةَ " يقول : والقلوب التي تعرفون بها الأشياء ، فتحفظونها وتفكرون فتفقهون بها . { لَعَلّكُمْ تَشْكُرُونَ } ، يقول : فعلنا ذلك بكم ، فاشكروا الله على ما أنعم به عليكم من ذلك ، دون الآلهة والأنداد ، فجعلتم له شركاء في الشكر ، ولم يكن له فيما أنعم به عليكم من نعمه شريك .

وقوله : { وَاللّهُ أخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أمّهاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئا } كلام متناه ، ثم ابتدىء الخبر ، فقيل : وجعل الله لكم السمع والأبصار والأفئدة . وإنما قلنا ذلك كذلك ؛ لأن الله تعالى ذكره جعل العبادة والسمع والأبصار والأفئدة قبل أن يخرجهم من بطون أمهاتهم ، وإنما أعطاهم العلم والعقل بعدما أخرجهم من بطون أمهاتهم .