المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَمَاتُواْ وَهُمۡ كُفَّارٌ أُوْلَـٰٓئِكَ عَلَيۡهِمۡ لَعۡنَةُ ٱللَّهِ وَٱلۡمَلَـٰٓئِكَةِ وَٱلنَّاسِ أَجۡمَعِينَ} (161)

161- أما الذين استمروا على الكفر ، وماتوا على ذلك دون توبة ولا ندم ، فجزاؤهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَمَاتُواْ وَهُمۡ كُفَّارٌ أُوْلَـٰٓئِكَ عَلَيۡهِمۡ لَعۡنَةُ ٱللَّهِ وَٱلۡمَلَـٰٓئِكَةِ وَٱلنَّاسِ أَجۡمَعِينَ} (161)

158

فأما الذين يصرون ولا يتوبون حتى تفلت الفرصة وتنتهي المهلة ، فأولئك ملاقون ما أوعد الله من قبل به ، بزيادة وتفصيل وتوكيد :

( إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار . أولئك عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين . خالدين فيها لا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينظرون ) . .

ذلك أنهم أغلقوا على أنفسهم ذلك الباب المفتوح ، وتركوا الفرصة تفلت ، والمهلة تنقضي ، وأصروا على الكتمان والكفر والضلال : ( أولئك عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ) . . فهي لعنة مطبقة لا ملجأ منها ولا صدر حنون !

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَمَاتُواْ وَهُمۡ كُفَّارٌ أُوْلَـٰٓئِكَ عَلَيۡهِمۡ لَعۡنَةُ ٱللَّهِ وَٱلۡمَلَـٰٓئِكَةِ وَٱلنَّاسِ أَجۡمَعِينَ} (161)

القول في تأويل قوله تعالى : { إِن الّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللّهِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالنّاسِ أَجْمَعِينَ }

يعني تعالى ذكره بقوله : إنّ الّذِينَ كَفَرُوا إن الذين جحدوا نبوّة محمد صلى الله عليه وسلم وكذبوا به من اليهود والنصارى ، وسائر أهل الملل والمشركين من عبدة الأوثان ، وَمَاتُوا وَهُمْ كُفّارٌ يعني وماتوا وهم على جحودهم ذلك وتكذيبهم محمدا صلى الله عليه وسلم أولئك عليهم لعنة الله والملائكة ، يعني : فأولئك الذين كفروا وماتوا وهم كفار عليهم لعنة الله يقول : أبعدهم الله وأسحقهم من رحمته ، والمَلاَئِكَة يعني ولعنهم الملائكة والناس أجمعون . ولعنة الملائكة والناس إياهم قولهم : عليهم لعنة الله ، وقد بينا معنى اللعنة فيما مضى قبل بما أغنى عن إعادته .

فإن قال قائل : وكيف تكون على الذي يموت كافرا بمحمد صلى الله عليه وسلم من أصناف الأمم ، وأكثرهم ممن لا يؤمن به ويصدقه ؟ قيل : إن معنى ذلك على خلاف ما ذهبت إليه .

وقد اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك ، فقال بعضهم : عنى الله بقوله : وَالنّاسِ أجْمَعِينَ أهل الإيمان به وبرسوله خاصة دون سائر البشر . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر بن معاذ ، قال : حدثنا يزيد بن زريع ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله : وَالنّاسِ أجْمَعِينَ يعني بالناس أجمعين : المؤمنين .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا إسحاق ، قال : حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع : وَالنّاسِ أجْمَعِينَ يعني بالناس أجمعين : المؤمنين .

وقال آخرون : بل ذلك يوم القيامة يوقف على رؤوس الأشهاد الكافر فيلعنه الناس كلهم . ذكر من قال ذلك :

حدثت عن عمار ، قال : حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع ، عن أبي العالية : أن الكافر يوقف يوم القيامة فيلعنه الله ، ثم تلعنه الملائكة ، ثم يلعنه الناس أجمعون .

وقال آخرون : بل ذلك قول القائل كائنا من كان : لعن الله الظالم ، فيلحق ذلك كل كافر لأنه من الظلمة . ذكر من قال ذلك :

حدثني موسى بن هارون ، قال : حدثنا عمرو بن حماد ، قال : حدثنا أسباط ، عن السدي قوله : أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللّهِ وَالمَلاَئِكَةِ وَالنّاسِ أجْمَعِينَ ، فإنه لا يتلاعن اثنان مؤمنان ولا كافران فيقول أحدهما : لعن الله الظالم إلا وجبت تلك اللعنة على الكافر لأنه ظالم ، فكل أحد من الخلق يلعنه .

وأولى هذه الأقوال بالصواب عندنا قول من قال : عنى الله بذلك جميع الناس بمعنى لعنهم إياهم بقولهم : لعن الله الظالم أو الظالمين ، فإن كل أحد من بني آدم لا يمنع من قيل ذلك كائنا من كان ، ومن أيّ أهل ملة كان ، فيدخل بذلك في لعنته كل كافر كائنا من كان . وذلك بمعنى ما قاله أبو العالية ، لأن الله تعالى ذكره أخبر عمن شهدهم يوم القيامة أنهم يلعنونهم ، فقال : فَمَنْ أظْلَمُ مِمّنِ افْتَرَىَ عَلَىَ اللّهِ كَذِبا أُولَئِكَ يُعْرضُونَ عَلَىَ رَبّهِمْ وَيَقُولُ الأشْهَادُ هَؤُلاَء الّذِينَ كَذَبُوا عَلَىَ رَبّهِمْ ألاَ لَعْنَةُ اللّهِ عَلَىَ الظّالِمِينَ .

وأما ما قاله قتادة من أنه عنى به بعض الناس ، فقول ظاهر التنزيل بخلافه ، ولا برهان على حقيقته من خبر ولا نظر . فإن كان ظنّ أن المعنيّ به المؤمنون من أجل أن الكفار لا يلعنون أنفسهم ولا أولياءهم ، فإن الله تعالى ذكره قد أخبر أنهم يلعنونهم في الاَخرة ، ومعلوم منهم أنهم يلعنون الظلمة ، وداخل في الظلمة كل كافر بظلمه نفسه ، وجحوده نعمة ربه ، ومخالفته أمره .