وقوله : { أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ } " أولئك " مبتدأ ، و " عليهم لعنةُ اللهِ " مبتدأً وخبرٌ ، خبرٌ عن أولئك ، وأولئك وخبرُه خبرٌ عن " إنَّ " . ويجوزُ في " لَعنةُ " ، الرفعُ بالفاعليةِ بالجارِّ قبلها لاعتمادِها فإنه وقع خبراً عن " أولئك " وتقدَّم تحريرُه في { عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ } [ البقرة : 157 ] قوله : { وَالْمَلائِكَةِ } الجمهورُ على جَرِّ الملائكة نَسفَاً على اسمِ الله . وقرأ الحسن بالرفع : { وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ } ، وخَرَّجَها النحويون على العطفِ على موضعِ اسمِ الله تعالى ، فإنَّه وإنْ كان مجروراً بإضافةِ المصدرِ إليه فموضعُه رفعٌ بالفاعليةِ لأنَّ هذه المصدرَ ينحلُّ لحرفٍ مصدريٍ وفِعْلٍ ، والتقدير : أَنْ لَعَنَهم ، أو أَنْ يَلْعَنَهم اللهُ ، فَعَطَفَ " الملائكةُ " على هذا التقدير ، قال الشيخ : " وهذا ليس بجائزٍ على ما تقرَّر من العطفِ على الموضعِ ، فإنَّ مِنْ شرطِه أن يكونَ ثَمَّ مُحْرِزٌ للموضع وطالبٌ له ، والطالبُ للرفعِ وجودُ التنوينِ في المصدرِ ، هذا إذا سَلَّمْنا أن " لعنة " تَنْحَلُّ لحرفٍ مصدري وفِعْلٍ ، لأنَّ الانحلالِ لذلك شرطُه أَنْ يُقْصَدَ به العلاج ، ألا ترى أنَّ قولَه : { أَلاَ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ } [ هود : 18 ] ليس المعنى على تقديرِ : أَنْ يَلْعَنَ اللهُ على الظالمين ، بل المرادُ اللعنةُ المستقرةُ ، وأضيفت لله تعالى على سبيلِ التخصيص لا على سبيل الحدوث " ونقلَ عن سيبويه أن قولَك : " هذا ضاربُ زيدٍ غداً وعمراً " بنصب " عمراً " أنَّ نصبَه بفعلٍ محذوفٍ ، وأبى أَنْ ينصِبَه بالعطفِ على الموضعِ ، ثم بعد تسليمِه ذلك كلَّه قال : " المصدرُ المنوَّنُ لم يُسْمَعْ بعدَه فاعلٌ مرفوعٌ ومفعولٌ منصوبٌ ، إنما قاله البصريون قياساً على أَنْ والفعل ومَنَعَه الفراء وهو الصحيح " .
ثم إنَّه خَرَّجَ هذه القراءةَ الشاذة على أحدِ ثلاثةِ أوجه ، الأولُ : أَنْ تكونَ " الملائكةُ " مرفوعةً بفعلٍ محذوفٍ أي : وتَلْعَنُهم الملائكة ، كما نَصَبَ سيبويه " عمراً " في قولك : " ضاربُ زيدٍ وعمراً " بفعلٍ محذوفٍ . الثاني : أن تكونَ الملائكةُ عطفاً على " لعنة " بتقديرِ حَذْفِ مضافٍ : ولَعْنَةُ الملائكةِ ، فَلمَّا حُذِفَ المضافُ أٌقيم المضافُ إليه مُقامه . الثالث : أن يكونَ مبتدأً قد حُذِفَ خبرُه تقديره : والملائكةُ والناسُ أجمعون تَلْعَنُهم " . وهذه أوجهٌ متكلفة ، وإعمالُ المصدرِ المنونِ ثابتٌ ، غايةُ ما في الباب أنه قد يُحْذَفُ فاعله كقوله : { أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ يَتِيماً } [ البلد : 14 ] وأيضاً فقد أَتْبَعَتِ العربُ المجرورَ بالمصدرِ على مَوْضِعَيْه رفعاً على الشاعر :
784 - . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . مَشْيَ الهَلوكِ عليها الخَيْعَلُ الفَضُلَ
برفع " الفُضُلُ " وهي صفةٌ للهَلوك على الموضعِ ؛ وإذا ثَبَتَ ذلك ، في النعتِ ثَبَتَ في العطفِ لأنهما تابعان من التوابعِ الخمسةِ . و " أجمعين " من ألفاظِ التأكيدِ المعنوي بمنزلة " كل " .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.