فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَمَاتُواْ وَهُمۡ كُفَّارٌ أُوْلَـٰٓئِكَ عَلَيۡهِمۡ لَعۡنَةُ ٱللَّهِ وَٱلۡمَلَـٰٓئِكَةِ وَٱلنَّاسِ أَجۡمَعِينَ} (161)

{ إن الذين كفروا } بالكتمان وغيره { وماتوا وهم كفار } جملة حالية وإثبات الواو فيها أفصح خلافا لمن جعل حذفها شاذا وهو الزمخشري تبعا للفراء ، وقد استدل بذلك على أنه لا يجوز لعن كافر معين لأن حاله عند الوفاة لا يعلم ولا ينافي ذلك ما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم من لعنه لقوم من الكفار بأعيانهم لأنه يعلم بالوحي ما لا نعلم ، وقيل يجوز لعنه عملا بظاهر الحال كما يجوز قتاله واستدل بقوله { أولئك عليهم لعنة الله والملائكة } على جواز لعن الكافر على العموم قال القرطبي لا خلاف في ذلك قال وليس لعن الكافر بطريق الزجر له عن الكفر بل هو جزاء على الكفر وإظهاره قبح كفره ، سواء كان الكافر عاقلا أو مجنونا وقال قوم من السلف : لا فائدة في لعن من جن أو مات منهم لا بطريق الجزاء ولا بطريق الزجر .

قال : ويدل على هذا القول أن الآية دالة على الإخبار عن الله والملائكة والناس بلعنهم لا على الأمر به .

قال ابن العربي : إن لعن العاصي المعين لا يجوز باتفاق لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى بشارب خمر مرارا فقال بعض من حضر " لعنه الله ما أكثر ما يشربه " فقال النبي صلى الله عله وسلم ( لا تكونوا عونا للشيطان على أخيكم ) {[152]} والحديث في الصحيحين { والناس أجمعين } قيل هذا يوم القيامة ، وأما في الدنيا ففي الناس المسلم والكافر ، ومن يعلم بالعاصي ومعصيته ومن لا يعلم فلا يتأتى اللعن له من جميع الناس ، وقيل في الدنيا ، والمراد يلعنه غالب الناس أو كل من علم بمعصيته منهم ، عن أبي العالية قال : إن الكافر يوقف يوم القيامة فيلعنه الله ثم يلعنه الملائكة ثم يلعنه الناس أجمعون ، وقال قتادة : يعني بالناس أجمعين المؤمنين .


[152]:صحيح الجامع الصغير 7319