السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَمَاتُواْ وَهُمۡ كُفَّارٌ أُوْلَـٰٓئِكَ عَلَيۡهِمۡ لَعۡنَةُ ٱللَّهِ وَٱلۡمَلَـٰٓئِكَةِ وَٱلنَّاسِ أَجۡمَعِينَ} (161)

{ إنّ الذين كفروا وماتوا وهم كفار } أي : من لم يتب من الكاتمين حتى مات { أولئك عليهم لعنة الله و } لعنة { الملائكة و } لعنة { الناس أجمعين } لعنهم الله أحياء ، ثم لعنهم أمواتاً ، وقال أبو العالية : هذا يوم القيامة يوقف الكافر فيلعنه الله ثم تلعنه الملائكة ثم تلعنه الناس .

فإن قيل : قد قال الله تعالى : { والناس أجمعين } وفي الناس المسلم والكافر وأهل دينه لا يلعنونه ؟ أجيب بأجوبة :

منها : أنّ المراد منهم من يعتد بلعنه وهم المؤمنون ، قاله ابن مسعود : وعلى هذا فيكون من العام الذي أريد به الخاص .

ومنها : أنهم يلعنونه في القيامة قال تعالى : { يلعن بعضكم بعضاً } ( العنكبوت ، 25 ) وقال : { كلما دخلت أمّة لعنت أختها } ( الأعراف ، 38 ) .

ومنها : أنّ اللعنة من الأكثر يطلق عليها لعنة جميع الناس تغليباً لحكم الأكثر على الأقلّ .

ومنها : أنهم يلعنون الظالمين والكافرين ، ومن لعن الظالمين أو الكافرين وهم منهم ، فقد لعن نفسه ، ومعنى لعنة الله لهم تبرّؤه منهم وطردهم وتبعيدهم عن الرحمة والثواب أو دعاؤه عليهم بذلك .