إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَمَاتُواْ وَهُمۡ كُفَّارٌ أُوْلَـٰٓئِكَ عَلَيۡهِمۡ لَعۡنَةُ ٱللَّهِ وَٱلۡمَلَـٰٓئِكَةِ وَٱلنَّاسِ أَجۡمَعِينَ} (161)

{ إِنَّ الذين كَفَرُواْ } جملةٌ مستأنفة سيقت لتحقيق بقاءِ اللعن فيما وراء الاستثناءِ وتأكيدِ دوامِه واستمرارِه على غير التائبين حسبما يفيده الكلام ، والاقتصارُ على ذكر الكفر في الصلة من غير تعرضٍ لعدم التوبة والإصلاحِ والتبيينِ مبنيٌّ على ما أشير إليه فكما أن وجودَ تلك الأمور الثلاثةِ مستلزِمٌ للإيمان الموجبِ لعدم الكفر كذلك وجودُ الكفر مستلزمٌ لعدمها جميعاً أي أن الذين استمروا على الكفر المستتبِع للكتمان وعدمِ التوبة { وَمَاتُواْ وَهُمْ كُفَّارٌ } لا يرعوون عن حالتهم الأولى { أولئك } الكلامُ كما فيما قبله { عَلَيْهِمْ } أي مستقِرٌّ عليهم { لَعْنَةُ الله والملائكة والناس أَجْمَعِينَ } ممن يُعتَدُّ بلعنهم ، وهذا بيانٌ لدوامها الثبوتي بعد بيان دوامِها التجدّدي ، وقيل : الأولُ لعنتَهم أحياءً وهذا لعنتُهم أمواتاً . وقرئ والملائكةُ والناسُ أجمعون عطفاً على محلِّ اسم الله لأنه فاعلٌ في المعنى ، كقولك : أعجبني ضربُ زيدٍ وعمروٍ ، تريد مِنْ أنْ ضَربَ زيدٌ وعمروٌ ، كأنه قيل : أولئك عليهم أنْ لعنهم الله والملائكةُ الخ وقيل : هو فاعل لفعل مقدرٍ أي ويلعنهم الملائكة .