المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَمِنۡ ءَايَٰتِهِۦ خَلۡقُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَٱخۡتِلَٰفُ أَلۡسِنَتِكُمۡ وَأَلۡوَٰنِكُمۡۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّلۡعَٰلِمِينَ} (22)

22- ومن الدلائل على كمال قدرته وحكمته خلق السموات والأرض على هذا النظام البديع ، واختلاف ألسنتكم في اللغات واللهجات ، وتباين ألوانكم في السواد والبياض وغيرهما . إن في ذلك لدلائل ينتفع بها أهل العلم والفهم .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَمِنۡ ءَايَٰتِهِۦ خَلۡقُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَٱخۡتِلَٰفُ أَلۡسِنَتِكُمۡ وَأَلۡوَٰنِكُمۡۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّلۡعَٰلِمِينَ} (22)

17

( ومن آياته خلق السماوات والأرض ، واختلاف ألسنتكم وألوانكم . إن في ذلك لآيات للعالمين ) . .

وآية خلق السماوات والأرض كثيرا ما يشار إليها في القرآن ، وكثيرا ما نمر عليها سراعا دون أن نتوقف أمامها طويلا . . ولكنها جديرة بطول الوقوف والتدبر العميق .

إن خلق السماوات والأرض معناه إنشاء هذا الخلق الهائل الضخم العظيم الدقيق ؛ الذي لا نعرف عنه إلا أقل من القليل . هذا الحشد الذي لا يحصى من الأفلاك والمدارات والنجوم والكواكب والسدم والمجرات . تلك التي لا تزيد أرضنا الصغيرة عن أن تكون ذرة تائهة بينها تكاد أن تكون لا وزن لها ولا ظل ! ومع الضخامة الهائلة ذلك التناسق العجيب بين الأفلاك والمدارات والدورات والحركات ؛ وما بينها من مسافات وأبعاد تحفظها من التصادم والخلل والتخلف والاضطراب ؛ وتجعل كل شيء في أمرها بمقدار .

ذلك كله من ناحية الحجم العام والنظام ، فأما أسرار هذه الخلائق الهائلة وطبائعها وما يستكن فيها وما يظهر عليها ؛ والنواميس الكبرى التي تحفظها وتحكمها وتصرفها . . فهذا كله أعظم من أن يلم به الإنسان ؛ وما عرف عنه إلا أقل من القليل ، ودراسة هذا الكوكب الصغير الضئيل الذي نعيش على سطحه لم يتم منها حتى اليوم إلا القليل !

هذه لمحة خاطفة عن آية خلق السماوات والأرض التي نمر عليها سراعا . بينما نتحدث طويلا . وطويلا جدا . عن جهاز صغير يركبه علماء الإنسان ؛ ويحتفظون فيه بالتناسق بين أجزائه المختلفة لتعمل كلها في حركة منتظمة دون تصادم ولا خلل فترة من الزمان ! ثم يستطيع بعض التائهين الضالين المنحرفين أن يزعم أن هذا الكون الهائل المنظم الدقيق العجيب وجد واستمر بدون خالق مدبر . ويجد من يستطيع أن يسمع لهذا الهراء ! من العلماء !

ومع آية السماوات والأرض عجيبة اختلاف الألسنة والألوان . . بين بني الإنسان . ولا بد أنها ذات علاقة بخلق السماوات والأرض . فاختلاف الأجواء على سطح الأرض واختلاف البيئات ذلك الاختلاف الناشى ء من طبيعة وضع الأرض الفلكي ، ذو علاقة باختلاف الألسنة والألوان . مع اتحاد الأصل والنشأة في بني الإنسان .

وعلماء هذا الزمان يرون اختلاف اللغات والألوان ؛ ثم يمرون عليه دون أن يروا فيه يد الله ، وآياته في خلق السماوت والأرض . وقد يدرسون هذه الظاهرة دراسة موضوعية . ولكنهم لا يقفون ليمجدوا الخالق المدبر للظواهر والبواطن . ذلك أن أكثر الناس لا يعلمون . ( يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا ) . وآية خلق السماوات والأرض واختلاف الألسنة والألوان لا يراها إلا الذين يعلمون : ( إن في ذلك لآيات للعالمين ) . .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَمِنۡ ءَايَٰتِهِۦ خَلۡقُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَٱخۡتِلَٰفُ أَلۡسِنَتِكُمۡ وَأَلۡوَٰنِكُمۡۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّلۡعَٰلِمِينَ} (22)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَاخْتِلاَفُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنّ فِي ذَلِكَ لاَيَاتٍ لّلْعَالَمِينَ } .

يقول تعالى ذكره : ومن حججه وأدلته أيضا على أنه لا يُعجزه شيء ، وأنه إذا شاء أمات من كان حيا من خلقه ، ثم إذا شاء أنشره وأعاده كما كان قبل إماتته إياه خلقه السموات والأرض من غير شيء أحدث ذلك منه ، بل بقدرته التي لا يمتنع معها عليه شيء أراده وَاخْتِلافُ ألْسِنَتِكُمْ يقول : واختلاف منطق ألسنتكم ولغاتها وألْوَانِكُمْ يقول : واختلاف ألوان أجسامكم إنّ فِي ذلكَ لاَياتٍ للْعالَمِينَ يقول : إن في فعله ذلك كذلك لعبرا وأدلة لخلقه الذين يعقلون أنه لا يعيبه إعادتهم لهيئتهم التي كانوا بها قبل مماتهم من بعد فنائهم . وقد بيّنا معنى العالمين فيما مضى قبل .