فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَمِنۡ ءَايَٰتِهِۦ خَلۡقُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَٱخۡتِلَٰفُ أَلۡسِنَتِكُمۡ وَأَلۡوَٰنِكُمۡۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّلۡعَٰلِمِينَ} (22)

{ وَمِنْ ءاياته خَلْقُ السموات والأرض } فإن من خلق هذه الأجرام العظيمة ، التي هي أجرام السماوات والأرض ، وجعلها باقية ما دامت هذه الدار ، وخلق فيها من عجائب الصنع وغرائب التكوين ، ما هو عبرة للمعتبرين ، قادر على أن يخلقكم بعد موتكم وينشركم من قبوركم { واختلاف أَلْسِنَتِكُمْ } أي لغاتكم من عرب وعجم ، وترك ، وروم ، وغير ذلك من اللغات { وألوانكم } من البياض ، والسواد ، والحمرة ، والصفرة ، والزرقة ، والخضرة مع كونكم أولاد رجل واحد وأم واحدة ، ويجمعكم نوع واحد وهو الإنسانية ، وفصل واحد وهو الناطقية ، حتى صرتم متميزين في ذات بينكم لا يلتبس هذا بهذا ، بل في كل فرد من أفرادكم ما يميزه عن غيره من الأفراد ، وفي هذا من بديع القدرة ما لا يعقله إلاّ العالمون ، ولا يفهمه إلاّ المتفكرون { إِنَّ فِي ذلك لآيات للعالمين } الذين هم من جنس هذا العالم من غير فرق بين برّ وفاجر ، قرأ الجمهور بفتح لام العالمين ، وقرأ حفص وحده بكسرها .

قال الفراء : وله وجه جيد لأنه قد قال : { لآيات لّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ } { لآيات لأُوْلِي الألباب } [ آل عمران : 190 ] { وَمَا يَعْقِلُهَا إِلاَّ العالمون } [ العنكبوت : 43 ] .

/خ27