التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز  
{وَمِنۡ ءَايَٰتِهِۦ خَلۡقُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَٱخۡتِلَٰفُ أَلۡسِنَتِكُمۡ وَأَلۡوَٰنِكُمۡۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّلۡعَٰلِمِينَ} (22)

قوله تعالى : { وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ ( 22 ) وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُم مِّن فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ ( 23 ) وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاء مَاء فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ( 24 ) وَمِنْ آيَاتِهِ أَن تَقُومَ السَّمَاء وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِّنَ الْأَرْضِ إِذَا أَنتُمْ تَخْرُجُونَ ( 25 ) وَلَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ } .

هذه جملة علامات توقظ الأذهان لتتدبر وتتفكر وتستيقن أن الله حق ، وأنه بالغ القدرة ، مطلق الإرادة والسلطان . وأول ذلك قوله : { وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ } وهذه علامة هائلة وكبرى تدل على عظيم قدرة الله الذي خلق السماوات باتساعها واتساقها وامتداد طباقها وروعة نظامها وما تزدان به من زهارة الكواكب والنجوم وغير ذلك من الأجرام على كثرتها وضخامتها واختلاف أنواعها وأجناسها . وكذلك خلق الأرض على هيئتها المثيرة المذهلة من جمال النظام ومتانة الإحكام واختلاف الأجناس والمركبات .

قوله : { وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ } وهذه علامة أخرى تكشف عن حكمة الله البالغة في خلق الناس على لغات مختلفة كثيرة . فمنهم الناطقون بالعربية أو اللاتينية أو الفارسية أو البنغالية أو التركية أو الهندية أو غير ذلك من لغات الأمم المختلفة كالأوروبيين والأفريقيين وغيرهم .

وكذلك اختلاف الألوان لبني الإنسان ليكون فيهم الأبيض والأسود والأسمر والأصفر والأحمر والأشقر . فما من أحد من البشر يشبه الآخر ؛ بل إنهم جميعا مختلفون متفاوتون في الهيئة والسمت والكلام والمشية والصوت واللون { إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ } أي فيما تبين من علامات وحجج لعبرة ظاهرة تكشف عن قدرة الله وحكمته لأولي العقول والمتفكرين .