الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{وَمِنۡ ءَايَٰتِهِۦ خَلۡقُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَٱخۡتِلَٰفُ أَلۡسِنَتِكُمۡ وَأَلۡوَٰنِكُمۡۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّلۡعَٰلِمِينَ} (22)

وقرأ الجمهور : «للعالَمين » [ الروم : 22 ] بفتح اللام يعني : جميع العالم ، وقرأ حفصٌ عن عاصم بكسرها على معنى : أَنَّ أهلَ الانتفاع بالنظر فيها إنما هم أهل العلم ، وباقي الآية اطْلبه في مَحَالِّه تجده إن شاء اللّه مبيناً ، وهذا شأننا الإحالة في هذا المختصر على ما تقدم بيانه ، فاعلمه راشداً .

( ت ) : وهذه الآياتُ والعبر إنما يعظمُ موقعُها في قلوب العارفين باللَّه سبحانه ، ومن أكثرَ التفكُّرَ في عجائب صنع اللّه تعالى حَصَلَتْ له المعرفةُ باللّه سبحانه ، قال الغَزَالِيُّ في «الإحياء » : ( وبحر المعرفة لا ساحل له والإحاطة بكنه جلال اللّه محالٌ ، وكلما كثرت المعرفةُ باللّه تعالى وصفاتِه . وأَفعاله وأسرار مملكته وقويت كثر النعيم في الآخرة وعظم كما أنه كلما كثر البذر وحسن كثر الزرع وحسن ) .

وقال أيضاً في كتاب «شرح عجائب القلب » من «الإحياء » : ( وتكون سَعَةُ ملك العبد في الجنة بحسب سِعَة معرفتِه باللّه وبحسب ما يتجلى له من عظمة اللّه سبحانه ، وصفاتِه ، وأفعاله ) انتهى .