البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَمِنۡ ءَايَٰتِهِۦ خَلۡقُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَٱخۡتِلَٰفُ أَلۡسِنَتِكُمۡ وَأَلۡوَٰنِكُمۡۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّلۡعَٰلِمِينَ} (22)

{ واختلاف ألسنتكم } : أي لغاتكم ، فمن اطلع على لغات رأى من اختلاف تراكيبها أو قوانينها ، مع اتحاد المدلول ، عجائب وغرائب في المفردات والمركبات .

وعن وهب : أن الألسنة اثنان وسبعون لساناً ، في ولد حام سبعة عشر ، وفي ولد سام تسعة عشر ، وفي ولد يافث ستة وثلاثون .

وقيل : المراد باللغات : الأصوات والنغم .

وقال الزمخشري : الألسنة : اللذات وأجناس النطف وأشكاله .

خالف عز وجل بين هذه الأشياء حتى لا تكاد تسمع منطقين متفقين في همس واحد ، ولا جهارة ، ولا حدة ، ولا رخاوة ، ولا فصاحة ، ولا لكنة ، ولا نظم ، ولا أسلوب ، ولا غير ذلك من صفات النطق وأحواله . انتهى .

{ وألوانكم } : السواد والبياض وغيرهما ، والأنواع والضروب بتخطيط الصور ، ولولا ذلك الاختلاف ، لوقع الالتباس وتعطلت مصالح كثيرة من المعاملات وغيرها .

وفيه آية بينة ، حيث فرعوا من أصل واحد ، وتباينوا في الأشكال على كثرتهم .

وقرأ الجمهور : { للعالمين } ، بفتح اللام ، لأنها في نفسها آية منصوبة للعالم ، وقرأ حفص وحماد بن شعيب عن أبي بكر ، وعلقمة عن عاصم ، ويونس عن أبي عمرو : بكسر اللام ، إذ المنتفع بها إنما هم أهل العلم ، كقوله : { وما يعقلها إلا العالمون }

/خ25