تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَمِنۡ ءَايَٰتِهِۦ خَلۡقُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَٱخۡتِلَٰفُ أَلۡسِنَتِكُمۡ وَأَلۡوَٰنِكُمۡۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّلۡعَٰلِمِينَ} (22)

الآية 22 وقوله تعالى : { ومن آياته } آيات وحدانيته وربوبيته وألوهيته وآيات بعثه ، وقوله تعالى : { خلق السماوات والأرض } في خلق السماوات ورفعها في الهواء وإقرارها فيه آية لأنه غير موهوم مثله من فعل الخلق وفي قدرتهم . وكذلك خلق الأرض وبسطها وإقرارها على الماء أو على الريح خارج عن فعل الخلق ومن قدرتهم غير موهوم ذلك في أوهامهم وعقولهم من غير الواحد العالم القادر بذاته .

فإذا كان ما ذكر غير موهوم في أوهامهم وعقولهم من غير الله فهم إنما أنكروا البعث لما يعاينوا ذلك ، ولم يشاهدوه في أوهامهم بعد أن كان ذلك موهوما من الله مشاهدا معاينا . لمثل هذا ، والله أعلم ، يذكر هذا . وقوله تعالى : { واختلاف ألسنتكم وألوانكم } كأنه يقول : وفي خلق اختلاف ألسنتكم آياته أيضا ، لأن الألسن بحيث خلقه الألسن غير مختلفة ، ولكن إنما تختلف بحيث النطق والتكلم بها لا يقع في التكلم بها والنطق والصوت تشابه بحال وخروج( {[15955]} ) عما يقدرون من الكلام ، وإن كانت بحيث خلقتها واحدة غير مختلفة .

فهذا على المعتزلة لقولهم : إن أقوال العباد غير مخلوقة ، لا صنع لله في ذلك . فلو لم يكن له في ما يتكلمون ، وينطقون على اختلاف ذلك صنع ، فلا آية تكون له في ذلك ، فدل أنه إنما صار آية له لما له صنع في ذلك ، وكذلك في ما تختلف الألوان بفعل يكون من الخلق ، ويتغير عند الغضب والسرور و الفرح ، ثم أخبر أن ذلك [ من ]( {[15956]} ) آياته ، دل أنه خالق لأفعالهم ، حتى كان آية له ، والله أعلم .

وأهل التأويل يقولون : { واختلاف ألسنتكم } عربي وأعجمي ونبطي وتركي ونحوه { وألوانكم } أبيض وأحمر وأسود ونحوه . وأصله ما ذكرنا .

[ وقوله تعالى ] ( {[15957]} ) : { إن في ذلك لآيات للعالمين } جائز أن تكون آيات لمن انتفع به من العالمين ، أو آية لمن تفكر ، وتدبر ، من العالمين . لأنه إذا تفكر ، وتدبر ، عرف وجهة الآية في ذلك .


[15955]:في الأصل وم: وخروجه..
[15956]:ساقطة من الأصل وم.
[15957]:ساقطة في الأصل وم.