المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{رُّبَمَا يَوَدُّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوۡ كَانُواْ مُسۡلِمِينَ} (2)

2- يود ويتمنى الذين جحدوا بآيات اللَّه - سبحانه وتعالى - كثيرا عندما يرون عذاب يوم القيامة ، أن لو كانوا قد أسلموا في الدنيا وأخلصوا دينهم لله .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{رُّبَمَا يَوَدُّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوۡ كَانُواْ مُسۡلِمِينَ} (2)

فأما من قابل هذه النعمة العظيمة بردها والكفر بها ، فإنه من المكذبين الضالين ، الذين سيأتي عليهم وقت يتمنون أنهم مسلمون ، أي : منقادون لأحكامه وذلك حين ينكشف الغطاء وتظهر أوائل الآخرة ومقدمات الموت ، فإنهم في أحوال الآخرة كلها يتمنون أنهم مسلمون ، وقد فات وقت الإمكان ، ولكنهم في هذه الدنيا مغترون .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{رُّبَمَا يَوَدُّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوۡ كَانُواْ مُسۡلِمِينَ} (2)

فإذا كان قوم يكفرون بآيات الكتاب المعجز ويكذبون بهذا القرآن المبين فسيأتي يوم يودون فيه لو كانوا غير ما كانوا ؛ ويتمنون فيه لو آمنوا واستقاموا :

( ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين ) . .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{رُّبَمَا يَوَدُّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوۡ كَانُواْ مُسۡلِمِينَ} (2)

استئناف ابتدائي وهو مفتتح الغرض وما قبله كالتنبيه والإنذار .

و { ربما } مركبة من ( رب ) . وهو حرف يدل على تنكير مدخوله ويجر ويختص بالأسماء . وهو بتخفيف الباء وتشديدها في جميع الأحوال . وفيها عدة لغات .

وقرأ نافع وعاصم وأبو جعفر بتخفيف الباء . وقرأ الباقون بتشديدها .

واقترنت بها ( ما ) الكافة ل ( ربّ ) عن العمل . ودخول ( ما ) بعد ( رب ) يكُف عملها غالباً . وبذلك يصح دخولها على الأفعال . فإذا دخلت على الفعل فالغالب أن يراد بها التقليل .

والأكثر أن يكون فعلاً ماضياً ، وقد يكون مضارعاً للدلالة على الاستقبال كما هنا . ولا حاجة إلى تأويله بالماضي في التحقق .

ومن النحويين من أوجب دخولها على الماضي ، وتأول نحو الآية بأنه منزّل منزلة الماضي لتحققه . ومعنى الاستقبال هنا واضح لأن الكفار لم يَودّوا أن يكونوا مسلمين قبل ظهور قوة الإسلام من وقت الهجرة .

والكلام خبر مستعمل في التهديد والتهويل في عدم اتباعهم دين الإسلام . والمعنى : قد يود الذين كفروا لو كانوا أسلموا .

والتقليل هنا مستعمل في التهكم والتخويف ، أي احذروا وَدادتكم أن تكونوا مسلمين ، فلعلها أن تقع نادراً كما يقول العرب في التوبيخ : لعلك ستندم على فعلك ، وهم لا يشكون في تندمه ، وإنما يريدون أنه لو كان الندم مشكوكاً فيه لكان حقاً عليك أن تفعل ما قد تندم على التفريط فيه لكي لا تندم ، لأن العاقل يتحرز من الضُر المظنون كما يتحرز من المتيقن .

والمعنى أنهم قد يودّون أن يكونوا أسلموا ولكن بعد الفوات .

والإتيان بفعل الكون الماضي للدلالة على أنهم يودون الإسلام بعد مضي وقت التمكن من إيقاعه ، وذلك عندما يقتلون بأيدي المسلمين ، وعند حضور يوم الجزاء ، وقد ودّ المشركون ذلك غير مرة في الحياة الدنيا حين شاهدوا نصر المسلمين .

وعن ابن مسعود : ودّ كفارُ قريش ذلك يوم بدر حين رأوا نصر المسلمين . ويتمنّون ذلك في الآخرة حين يساقون إلى النار لكفرهم ، قال تعالى : { ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتّخذت مع الرسول سبيلا } [ سورة الفرقان : 27 ] . وكذلك إذا أخرج عصاة المسلمين من النار ودّ الذين كفروا في النار لو كانوا مسلمين ، على أنهم قد ودُّوا ذلك غير مرة وكتموه في نفوسهم عناداً وكفراً . قال تعالى : { ولو ترى إذ وقفوا على النار فقالوا يا ليتنا نردّ ولا نكذّب بآيات ربّنا ونكون من المؤمنين بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل } [ سورة الأنعام : 27 ، 28 ] ، أي فلا يصرحون به .

ولو } في { لو كانوا مسلمين } مستعملة في التمني لأن أصلها الشرطية إذ هي حرف امتناع لامتناع ، فهي مناسبة لمعنى التمني الذي هو طلب الأمر الممتنع الحصول ، فإذا وقعت بعد ما يدل على التمني استعملت في ذلك كأنها على تقدير قول محذوف يقوله المتمني ، ولما حذف فعل القول عدل في حكاية المقول إلى حكايته بالمعنى . فأصل { لو كانوا مسلمين } لو كُنّا مسلمين .

والتزم حذف جواب { لو } اكتفاء بدلالة المقام عليه ثم شاع حذف القول ، فأفادت { لو } معنى المصدرية فصار المعنى : يودّ الذين كفروا كونهم مسلمين ، ولذلك عَدُّوها من حروف المصدرية وإنما المصدر معنى عارض في الكلام وليس مدلولها بالوضع .