التفسير الصحيح لبشير ياسين - بشير ياسين  
{رُّبَمَا يَوَدُّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوۡ كَانُواْ مُسۡلِمِينَ} (2)

قوله تعالى { ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين }

قال الحاكم : أخبرنا الشيخ أبو بكر أحمد بن إسحاق الفقيه أنبأ علي بن الحسين ابن علي بن الجنيد ، ثنا أبو الشعثاء ، ثنا خالد بن نافع الأشعري عن سعيد بن أبي بردة عن أبيه عن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إذا اجتمع أهل النار في النار ومعهم من أهل القبلة من شاء الله قالوا : ما أغنى عنكم إسلامكم وقد صرتم معنا في النار . قالوا : كانت لنا ذنوب فأخذنا بها فسمع الله ما قالوا قال : فأمر بمن كان في النار من أهل القبلة فأخرجوا فيقول الكفار يا ليتنا كنا مسلمين فنخرج كما أخرجوا قال وقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم { آلر تلك آيات الكتاب وقرآن مبين ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين } مثقلة .

( المستدرك2/242-ك التفسير )وصححه ووافقه الذهبي ، وأخرجه أيضا ابن أبي عاصم في( السنة ح843 )من طريق أبي الشعثاء به ، وقال الألباني : حديث صحيح رجاله ثقات رجال مسلم غير خالد بن نافع ، وهو الأشعري من أولاد أبي موسى رضي الله عنه ، وفيه ضعف ، ثم ذكر شواهد تقويه ( ظلال الجنة عقب ح843و844 ) وله شاهد في تفسير الطبري بسند حسن عن ابن عباس ، وله شاهد آخر كما يلي :

قال ابن حبان : أخبرنا محمد بن الحسين بن مُكرم قال : حدثنا عبد الله ابن عمر بن أبان بن صالح قال : حدثنا أبو أسامة ، عن أبي روق قال : حدثنا صالح بن أبي طريف ، قال : قلت لأبي سعيد الخدري : أسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في هذه الآية { ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين } الحجر : 2 فقال : نعم ، سمعته يقول : " يخرج الله أناسا من المؤمنين من النار ما يأخذ نقمته منهم ، قال : لما أدخلهم الله النار مع المشركين ، قال المشركون : أليس كنتم تزعمون في الدنيا أنكم أولياء فما لكم معنا في النار ؟ فإذا سمع الله ذلك منهم ، أذن في الشفاعة ، فيتشفّع لهم الملائكة والنبيون حتى يُخرجوا بإذن الله ، فلما أخرجوا قالوا : يا ليتنا كنا مثلهم ، فتُدركنا الشفاعة فنخرج من النار ، فذلك قول الله جلّ وعلا { ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين } . قال فيسمّون في الجنة الجهنميين من أجل سواد في وجوههم ، فيقولون : ربّنا أذهب عنا هذا الاسم ، قال : فيأمرهم فيغتسلون في نهر في الجنة ، فيذهب ذلك منهم " .

( الإحسان16/457-458ح7432قال محققه : حديث صحيح . وله شواهد عدة منها : حديث أبي موسى الأشعري ، أخرجه الحاكم2/242 وصححه ووافقه الذهبي . ومنها : حديث جابر أخرجه النسائي في التفسير( ح291 ) وصحح إسناده السيوطي في الدر( 4/92 ) وحسن إسناده محقق تفسير النسائي ، عزاه الهيثمي للطبراني في الأوسط وقال : ورجاله رجال الصحيح غير بسام الصيرفي ، وهو ثقة ( مجمع البحرين4820 )وصحح إسناده الألباني ( ظلال الجنة ح844 ) . وينظر تخريجه وذكر شواهده مفصلا في حاشية الإحسان في الموضع المذكور ) .

قال الشيخ الشنقيطي : قوله تعالى { ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين } ذكر في هذه الآية الكريمة أن الكفار إذا عرفوا حقيقة الأمر تمنوا أنهم كانوا في دار الدنيا مسلمين ، وندموا على كفرهم وبين هذا المعنى في مواضع أخر كقوله : { ولو ترى إذا وقفوا على النار فقالوا يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين } وقوله : { حتى إذا جاءتهم الساعة بغتة قالوا يا حسرتنا على ما فرطنا فيها } الآية ، وقوله { ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا } إلى غير ذلك من الآيات .