تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{رُّبَمَا يَوَدُّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوۡ كَانُواْ مُسۡلِمِينَ} (2)

المفردات :

ربما : بضم الراء وتخفيف الباء وتشديدها ، كلمة تدل على أن ما بعدها قليل الحصول .

التفسير :

{ ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين } .

هذا إخبار من الله تعالى عن الكفار ، بأنهم سيندمون على كفرهم حين يرون العذاب في الآخرة ، ويتمنون أن لو كانوا مسلمين .

وقد ورد في الحديث : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا اجتمع أهل النار في النار ومعهم من شاء الله من أهل القبلة ، قال الكفار للمسلمين : ألم تكونوا مسلمين ؟ ! قالوا : بلى ، قالوا : فما أغنى عنكم الإسلام ، وقد صرتم معنا في النار ! قالوا : كانت لنا ذنوب فأخذنا بها ، فسمع الله ما قالوا ؛ فأمر بمن كان في النار من أهل القبلة فأخرجوا ، فلما رأى ذلك من بقي من الكفار قالوا : يا ليتنا كنا مسلمين ، فنخرج كما خرجواiii .

قال : ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، { الر تلك آيات الكتاب وقرآن مبين*ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين }( الحجر : 2 ، 1 ) .

وقد جاءت { ربما } للتقليل على سنة العرب في نحو قولهم : ربما تندم على ما فعلت ، ولعلك تندم على ما فعلت ، لا يقصدون التقليل في نحو ذلك ، وإنما يريدون أن الندم لو كان مشكوكا فيه ، أو لو كان قليلا لحق عليك ألا تفعل هذا الفعل ، إذ العاقل يتحرز من التعرض للغم المظنون ، كما يتعرض للغم المتيقن ويبتعد عن القليل منه ، كما يبتعد عن الكثير .

والكافر يتمنى أن لو كان مسلما في مواقف عديدة :

1 إذا رأى الإسلام ينتصر والكفر ينهزم .

2 إذا رأى ملك الموت وتيقن بسوء الخاتمة .

3 إذا رأى هول الموقف ، وشاهد المسلمين يساقون إلى الجنة ، ويساق الكفار إلى النار .

4 إذا خرج المسلمون المعذبون بذنوبهم من عذاب النار وبقي الكافرون في جهنم .

قال الزجاج : إن الكافر كلما رأى حالا من أحوال العذاب ، ورأى حالا من أحوال المسلم ؛ ود أن لو كان مسلما .

وقريب من هذه الآية قوله تعالى : { ولو ترى إذ وقفوا على النار فقالوا يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين } ( الأنعام : 27 ) .