ثم قال تعالى : { ربما يود الذين كفروا } [ 2 ] .
أصل " رب " أن تدخل على النكرات ، وأن تكون في صدر الكلام لمضارعتها " كم " . لأنها للتقليل كما أن " كم " للتكثير ولمضارعتها " لا " لأنها للتقليل ، والتقليل أقرب شيء من النفي{[37675]} . ومن أجل كونها للتقليل{[37676]} لزمتها النكرة{[37677]} .
وموضع " رب " وما عملت فيه ، نصب [ يتعدى ]{[37678]} الفعل الذي بعدها ، كما تقول : مررت بزيد : فزيد في موضع نصب . ولذلك لم يؤت لها بخبر ، كما يأتي لكم .
والفعل : الذي يتعلق به محذوف – وربما ظهر– وكل حرف جر فإنما يتعلق بما/ قبله إلا رب فإنها [ ت{[37679]} ] تعلق بما بعدها لأن لها صدر الكلام .
وإذا دخلت عليها " ما " كفتها عن العمل ووقعت الأفعال الماضية بعدها ، تقول : ربما قام زيد ، وربما جلس{[37680]} عمرو{[37681]} . فإن وقعت الأسماء بعدها ، جاز عملها ، ولغوها تقول : ربما رجل رأيت . ويلزم النكرة التي تدخل " رب " عليها النعت .
فإن وقع بعدها مستقبل فعلى إضمار " كان " تقول : ربما يقوم زيد . تقديره ربما : كان يقوم زيد{[37682]} .
فأما قوله تعالى : { ربما يود الذين كفروا } [ 2 ] وإنما جاز وقوع المستقبل بعدها في هذه{[37683]}[ الآية{[37684]} ] . لأنه أمر واقع لا محالة ، فصار بمنزلة الماضي الذي [ قد{[37685]} ] كان [ ووقع{[37686]} ]{[37687]} فإن قلت " رب رجل سيقوم " أو " ليقومن " لم يجز إلا أن تريد{[37688]} أنه يوصف بذلك .
وإذا اتصل{[37689]} بربما مجهول{[37690]} انتصب ما بعدها على التفسير . ولا يثنى ذلك المجهول ولا يجمع ولا يؤنث عند البصريين . وأجاز ذلك الكوفيون .
والمضمر الذي يتصل برب في تأويل نكرة ولفظه لفظ معرفة . وإنما كان نكرة لأنك لم تقصد به إلى مذكور بعينه تقدم ذكره ، وإنما أظهر على شرطة التفسير بعده .
ولا موضع " لما " {[37691]} في ربما لأنها زائدة . وأجاز{[37692]} الأخفش{[37693]} أن تكون " ما " نكرة في موضع خفض " برب " كأنه قال : ورب شيء ، أو : رب : ود{[37694]} .
ومعنى الآية : ربما تمنى الذين كفروا لو كانوا في الدنيا مسلمين . وذلك في قول : ابن عباس ، وأنس{[37695]} ، حين يرى المشركون المسلمين من أهل الخطايا يخرجون من النار بإيمانهم ، فيود عند ذلك المشركون لو كانوا مسلمين فيخرجون كما خرج هؤلاء المسلمون{[37696]} . وذكر ابن عباس : أنه إذا اجتمع المشركون وأهل الذنوب من المسلمين في النار قال المشركون للمسلمين : ما أغنى عنكم ما كنتم تعبدون ، قد اجتمعنا{[37697]}وإياكم . فيغضب الله عز وجل للمسلمين فيخرجهم بفضل رحمته فيقول المشركون عند ذلك ليتنا كنا مسلمين{[37698]} .
وفي حديث ابن وهب : " . . . فيغضب الله لهم فيقول للملائكة والنبيين : اشفعوا ، قال : فيشفعون لهم . فيخرجون حتى إن إبليس ليتطاول رجاء أن يخرج معهم{[37699]} " .
وقال مجاهد عن ابن عباس : يدخل الله المؤمنين الجنة حتى يقول في آخر ذلك : من كان مسلما فليدخل الجنة . فعند ذلك يتمنى المشركون لو كانوا مسلمين{[37700]} .
وقيل : إن ذلك يكون من الكافر إذا عاين القيامة{[37701]} .
وقيل : يكون منه ذلك التمني إذا عاين الموت{[37702]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.