المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَإِذَا حَضَرَ ٱلۡقِسۡمَةَ أُوْلُواْ ٱلۡقُرۡبَىٰ وَٱلۡيَتَٰمَىٰ وَٱلۡمَسَٰكِينُ فَٱرۡزُقُوهُم مِّنۡهُ وَقُولُواْ لَهُمۡ قَوۡلٗا مَّعۡرُوفٗا} (8)

8- وإذا حضر قسمة التركة بعض الأقارب الذين لا يرثون من اليتامى والمساكين فأكرموهم بإعطائهم شيئاً من هذه التركة تطييباً لنفوسهم ، ونزعاً للحسد من قلوبهم ، ويحسن أن يشفع هذا العطاء بلين القول وحسن الاعتذار .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَإِذَا حَضَرَ ٱلۡقِسۡمَةَ أُوْلُواْ ٱلۡقُرۡبَىٰ وَٱلۡيَتَٰمَىٰ وَٱلۡمَسَٰكِينُ فَٱرۡزُقُوهُم مِّنۡهُ وَقُولُواْ لَهُمۡ قَوۡلٗا مَّعۡرُوفٗا} (8)

{ وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا }

وهذا من أحكام الله الحسنة الجليلة الجابرة للقلوب فقال : { وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ } أي : قسمة المواريث { أُولُو الْقُرْبَى } أي : الأقارب غير الوارثين بقرينة قوله : { الْقِسْمَةَ } لأن الوارثين من المقسوم عليهم . { وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين } أي : المستحقون من الفقراء . { فَارْزُقُوهُم مِّنْهُ } أي : أعطوهم ما تيسر من هذا المال الذي جاءكم بغير كد ولا تعب ، ولا عناء ولا نَصَب ، فإن نفوسهم متشوفة إليه ، وقلوبهم متطلعة ، فاجبروا خواطرهم بما لا يضركم وهو نافعهم .

ويؤخذ من المعنى أن كل من له تطلع وتشوف إلى ما حضر بين يدي الإنسان ، ينبغي له أن يعطيه منه ما تيسر ، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " إذا جاء أحدَكم خادمُه بطعامه فليجلسه معه ، فإن لم يجلسه معه ، فليناوله لقمة أو لقمتين " أو كما قال .

وكان الصحابة رضي الله عنهم -إذا بدأت باكورة أشجارهم- أتوا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فبرَّك عليها ، ونظر إلى أصغر وليد عنده فأعطاه ذلك ، علما منه بشدة تشوفه لذلك ، وهذا كله مع إمكان الإعطاء ، فإن لم يمكن ذلك -لكونه حق سفهاء ، أو ثَم أهم من ذلك- فليقولوا لهم { قَولًا مَعْرُوفًا } يردوهم{[185]}  ردًّا جميلا ، بقول حسن غير فاحش ولا قبيح .


[185]:- في ب: يردونهم.
 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَإِذَا حَضَرَ ٱلۡقِسۡمَةَ أُوْلُواْ ٱلۡقُرۡبَىٰ وَٱلۡيَتَٰمَىٰ وَٱلۡمَسَٰكِينُ فَٱرۡزُقُوهُم مِّنۡهُ وَقُولُواْ لَهُمۡ قَوۡلٗا مَّعۡرُوفٗا} (8)

8

ما لكم فئتين في شأن المنافقين . والله أوقعهم فيما هم فيه بسبب سوء نيتهم وسوء عملهم ؟ وهي شهادة من الله حاسمة في أمرهم . بأنهم واقعون في السوء بما أضمروا وبما عملوا من سوء .

ثم استنكار آخر :

( أتريدون أن تهدوا من أضل الله ؟ ) . .

ولعله كان في قول الفريق . . المتسامح ! ! . . ما يشير إلى إعطائهم فرصة ليهتدوا ، ويتركوا اللجلجة ! فاستنكر الله هذا في شأن قوم استحقوا أن يوقعهم الله في شر أعمالهم وسوء مكاسبهم .

ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلًا . .

فإنما يضل الله الضالين . أي يمد لهم في الضلالة حين يتجهون هم بجهدهم ونيتهم إلى الضلالة . وعندئذ تغلق في وجوههم سبل الهداية ؛ بما بعدوا عنها ، وسلكوا غير طريقها ؛ ونبذوا العون والهدى ، وتنكروا لمعالم الطريق !

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَإِذَا حَضَرَ ٱلۡقِسۡمَةَ أُوْلُواْ ٱلۡقُرۡبَىٰ وَٱلۡيَتَٰمَىٰ وَٱلۡمَسَٰكِينُ فَٱرۡزُقُوهُم مِّنۡهُ وَقُولُواْ لَهُمۡ قَوۡلٗا مَّعۡرُوفٗا} (8)

{ وإذا حضر القسمة أولو القربى } ممن لا يرث { واليتامى والمساكين فارزقوهم منه فاعطوهم شيئا من المقسوم تطييبا لقلوبهم . وتصدقا عليهم ، وهو أمر ندب للبلغ من الورثة . وقيل أمر وجوب ، ثم اختلف في نسخة والضمير لما ترك أو دل عليه القسمة { وقولوا لهم قولا معروفا } وهو أن يدعوا لهم ويستقلوا ما أعطوهم ولا يمنوا عليهم .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَإِذَا حَضَرَ ٱلۡقِسۡمَةَ أُوْلُواْ ٱلۡقُرۡبَىٰ وَٱلۡيَتَٰمَىٰ وَٱلۡمَسَٰكِينُ فَٱرۡزُقُوهُم مِّنۡهُ وَقُولُواْ لَهُمۡ قَوۡلٗا مَّعۡرُوفٗا} (8)

جملة معطوفة على جملة { للرجال نصيب } [ النساء : 7 ] إلى آخرها . وهذا أمر بعطية تعطى من الأموال الموروثة : أمر الورثة أن يسهموا لمن يحضر القسمة من ذوي قرابتهم غير الذين لهم حقّ في الإرث ، ممّن شأنهم أن يحضروا مجالس الفصل بين الأقرباء .

وقوله : { للرجال نصيب } [ النساء : 7 ] وقوله : { وللنساء نصيب } [ النساء : 7 ] يقتضيان مقسوماً ، فالتعريف في قوله : { القسمة } تعريف العهد الذِكري .

والأمر في قوله : { فارزقوهم منه } محمول عند جمهور أهل العلم على الندب من أوّل الأمر ، إذ ليس في الصدقات الواجبة غير الزكاة ، لأنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال للأعرابي لمّا قال له : هل عليّ غيرها ؟ « لا إلاّ أنّ تطَّوّع » وبهذا قال مالك وأبو حنيفة وفقهاء الأمصار ، وجعلوا المخاطب بقوله : { فارزقوهم } الورثة المالكين أمر أنفسهم ، والآية عند هؤلاء محكمة غير منسوخة ، وذهب فريق من أهل العلم إلى حمل الأمر بقوله : { فارزقوهم } على الوجوب ، فعن ابن عباس ، وعكرمة ، ومجاهد ، والزهري ، وعطاء ، والحسن ، والشعبي : أن ذلك حقّ واجب على الورثة المالكين أمر أنفسهم فهم المخاطبون بقوله : { فارزقوهم } .

وعن ابن عباس ، وأبي موسى الأشعري وسعيد بن المسيّب ، وأبي صالح : أنّ ذلك كان فرضا قبل نزول آية المواريث ، ثم نسخ بآية المواريث ، ومآل هذا القول إلى موافقة قول جمهور أهل العلم .

عن ابن عباس أيضاً . وزيد بن أسلم : أنّ الأمر موجّه إلى صاحب المال في الوصيّة التي كانت مفروضة قبل شرع الميراث واجب عليه أن يجعل في وصيّنه شيئاً لمن يحضر وصيّته من أولى القربى واليتامى والمساكين غير الذين أوصى لهم ، وأنّ ذلك نسخ تَبعا لنسخ وجوب الوصية ، وهذا يقتضي تأويل قوله : { القسمة } بمعنى تعيين ما لكل موصى له من مقدار .

وعن سعيد بن جبير : أنّ الآية في نفس الميراث وأنّ المقصود منها هو قوله : { وقولوا لهم قولاً معروفاً } قال : فقوله : { فارزقوهم منه } هو الميراث نفسه .

وقوله : { وقولوا لهم قولاً معروفاً } أي قولوا لغير الورثة بأن يقال لهم إنّ الله قسم المواريث .

وقد علمت أنّ موقع الآية تمهيد لتفصيل الفرائض ، وأنّ ما ذهب إليه جمهور أهل العلم هو التأويل الصحيح للآية ، وكفاك باضطراب الرواية عن ابن عباس في تأويلها توهينا لتأويلاتهم .

والأمر بأن يقولوا لهم قولاً معروفاً أي قولاً حسناً وهو ضدّ المنكر تسلية لبعضهم على مَا حرموا منه من مال الميّت كما كانوا في الجاهلية .