{ إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ } وأنت أرحم بهم من أنفسهم وأعلم بأحوالهم ، فلولا أنهم عباد متمردون لم تعذبهم . { وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } أي : فمغفرتك صادرة عن تمام عزة وقدرة ، لا كمن يغفر ويعفو عن عجز وعدم قدرة .
الحكيم حيث كان من مقتضى حكمتك أن تغفر لمن أتى بأسباب المغفرة .
وينتهي إلى التفويض المطلق في أمرهم ؛ مع تقرير عبوديتهم لله وحده . وتقرير قوة الله على المغفرة لهم أو عذابهم ؛ وحكمته فيما يقسم لهم من جزاء سواء كان هو المغفرة أو العذاب :
( إن تعذبهم فإنهم عبادك ، وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم ) . .
فيالله للعبد الصالح في موقفه الرهيب !
وأين أولئك الذين أطلقوا هذه الفرية الكبيرة ؛ التي يتبرأ منها العبد الطاهر البريء ذلك التبرؤ الواجف ، ويبتهل من أجلها إلى ربه هذا الابتهال المنيب ؟
أين هم في هذا الموقف ، في هذا المشهد ؟ . . إن السياق لا يلقي إليهم التفاته واحدة . فلعلهم يتذاوبون خزيا وندما . فلندعهم حيث تركهم السياق !
{ إن تعذبهم فإنهم عبادك } أي إن تعذبهم فإنك تعذب عبادك ولا اعتراض على المالك المطلق فيما يفعل بملكه ، وفيه تنبيه على أنهم استحقوا ذلك لأنهم عبادك وقد عبدوا غيرك . { وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم } فلا عجز ولا استقباح فإنك القادر القوي على الثواب والعقاب ، الذي لا يثيب ولا يعاقب إلا عن حكمة وصواب فإن المغفرة مستحسنة لكل مجرم ، فإن عذبت فعدل وإن غفرت ففضل . وعدم غفران الشرك بمقتضى الوعيد فلا امتناع فيه لذاته ليمنع الترديد .
قوله : { إن تعذّبهم فإنّهم عبادك وإن تغفر لهم فإنّك أنت العزيز الحكيم } فوّض أمرهم إلى الله فهو أعلم بما يجازيهم به لأنّ المقام مقام إمساك عن إبداء رغبة لشدّة هول ذلك اليوم ، وغاية ما عرّض به عيسى أنه جوّز المغفرة لهم رحمة منه بهم .
وقوله : { فإنّك أنت العزيز الحكيم } ذكر العزيز كناية عن كونه يغفر عن مقدرة ، وذكر الحكيم لمناسبته للتفويض ، أي المحكِم للأمور العالم بما يليق بهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.