الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{إِن تُعَذِّبۡهُمۡ فَإِنَّهُمۡ عِبَادُكَۖ وَإِن تَغۡفِرۡ لَهُمۡ فَإِنَّكَ أَنتَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ} (118)

قوله : { إن{[19005]} تعذبهم فإنهم عبادك } الآية [ 120 ] .

المعنى{[19006]} : إن تعذبهم بقولهم{[19007]} فإنهم عبادك ، وإن تغفر لهم بتوبتهم عما قالوا فتستر عليهم ، { فإنك أنت العزيز{[19008]} } في انتقامك ، { الحكيم } في

أفعالك{[19009]} .

وقال السدي : المعنى : إن تعذبهم فتميتهم على نصرانيتهم فيحق عليهم العذاب فإنهم عبادك ، وإن تغفر لهم فنخرجهم من النصرانية وتهديهم إلى الإسلام ، فإنك أنت العزيز الحكيم ، قال : هذا قول عيسى في الدنيا{[19010]} .

وقال بعض أهل النظر : يكون هذا من عيسى في القيامة وإنما يقوله على التسليم لأمر الله ، وقد أيقن أن الله لا يغفر لكافر{[19011]} ، ولكنه سلم الأمر ، ولم يكن يعلم ما أحدثوا بعده : أكفروا أم لا{[19012]} .

قال ابن الأنباري{[19013]} : لم يقل هذا عيسى وه ويقدّر أن الله يغفر للنصارى{[19014]} إذا ماتوا مصرين على الكفر ، لكنه قاله على جهة تفويض الأمر إلى ربه ، وإخراجه نفسه من حالة الاعتراض .

والمعنى : إن غفرت لهم ، لم يكن { لي }{[19015]} و{ لا }{[19016]} لأحد الاعتراض عليك من حكمك ، وإن عذبتهم ( فبعدل ){[19017]} منك ، ذلك لكفرهم{[19018]} .

وقيل : الهاء في ( تعذبهم } للبعض الذين أقاموا على الكفر ، والهاء في { ( و ){[19019]} إن تغفر لهم } للبعض{[19020]} الذين تابوا من الكفر{[19021]} . وقيل : الهاءات كلها للنصارى والكفار ، والمعنى : إن تعذبهم بتركك{[19022]} إياهم على الكفر فهم عبادك ، وإن تغفر لهم بتوفيقك إياهم للإيمان والتوبة فأنت العزيز الحكيم{[19023]} .


[19005]:د: وأنت على كل شيء شهيد ان.
[19006]:ب ج د: والمعنى.
[19007]:ب ج د: لقولهم.
[19008]:د: العزيز الحكيم.
[19009]:انظر: تفسير الطبري 11/240 و241.
[19010]:انظر: تفسير الطبري 11/241.
[19011]:د: الكافر.
[19012]:انظر: تفسير البحر 4/62 الذي قال: (وهذا فيه بعدٌ، لأن الاستعطاف لا يحسن إلا لمن يُرجى له العفو والتّخفيف، والكفار لا يُرجى لهم ذلك).
[19013]:هو أبو بكر محمد بن القاسم بن الأنباري، إمام في القراءة واللغة والأدب، توفي ببغداد سنة 328 هـ انظر: طبقات الزبيدي 153، ومعرفة القراء 1/225، وطبقات الحفاظ 350.
[19014]:ب: للنصراني.
[19015]:ساقطة من ج د.
[19016]:ساقطة من ب.
[19017]:الظاهر من الطمس في (أ) أنها: بعدل. ب: فبعدا.
[19018]:انظر: معاني الزجاج 2/224، والمحرر 5/241، وهو مذهب أهل السنة في تفسير البحر 4/62.
[19019]:ساقطة من ب ج د.
[19020]:ب: لبعض.
[19021]:هو اختيار الزجاج في معانيه 2/224.
[19022]:ج: فتركك.
[19023]:انظر: تفسير الطبري 11/240.