بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{إِن تُعَذِّبۡهُمۡ فَإِنَّهُمۡ عِبَادُكَۖ وَإِن تَغۡفِرۡ لَهُمۡ فَإِنَّكَ أَنتَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ} (118)

{ إِن تُعَذّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ العزيز الحكيم }

قرأ ابن مسعود : { فَإِنَّكَ أَنتَ الغفور الرحيم } وقرأ غيره : { العزيز الحكيم } فإن قيل : وكيف سأل المغفرة للكفار .

قيل له : لأن عيسى علم أن بعضهم قد تاب ورجع عن ذلك . فقال : { إِن تُعَذّبْهُمْ } يعني : الذين ماتوا على الكفر ، فإنهم عبادك وأنت القادر عليهم ، { وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ } يعني : الذين أسلموا ورجعوا عن ذلك . وقال بعضهم : احتمل أنه لم يكن في كتابه { إِنَّ الله لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذلك لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بالله فَقَدْ ضَلَّ ضلالا بَعِيداً } [ النساء : 116 ] فلهذا المعنى دعا لهم ، ولكن التأويل الأول أحسن . ويقال : { إن تَغْفِرْ لَهُمْ } يعني : لكذبهم الذي قالوا عليّ خاصة ، لا لشركهم . وهذا التأويل ليس بسديد ، والأول أحسن . وروي عن أبي ذر الغفاري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قرأ هذه الآية ذات ليلة ، فردّدها حتى أصبح : { إِن تُعَذّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ } الآية وقال بعضهم : في الآية تقديم وتأخير ومعناه : { إِن تُعَذّبْهُمْ } { فإنك أنت العزيز الحكيم } { وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ } { فإنهم عبادك } .