قوله تعالى : { فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } : تقدَّم نظيره ، وهي في قراءةِ الناس ومصاحفِهم " العزيزُ الحكيم " وفي مصحف ابن مسعود - وقرأ بها جماعة - : " الغفورُ الرحيم " ، وقد عبِث بعض مَنْ لا يفهم كلامَ العرب بهذه الآيةِ ، وقال : " إنما كان المناسب ما في مصحف ابن مسعود " وخَفِي عليه أنَّ المعنى متعلق بالشرطين جميعاً ، ويوضِّح هذا ما قاله أبو بكر بن الأنباري ، فإن نَقَل هذه القراءة عن بعض الطاعنين ثم قال : " ومتى نُقِل ما قاله هذا الطاعن ضَعُفَ معناه ، فإنه ينفرد " الغفور الرحيم " بالشرط الثاني ولا يكون له بالشرط الأول تعلُّقٌ ، وهو على ما أنزل الله وعلى ما أجمع على قراءته المسلمون معروف بالشرطين كليهما : أولهما وآخرهما ، إذ تلخيصه : إنْ تعذبهم فأنت العزيز الحكيم ، وإن تغفرْ لهم فأنتَ العزيزُ الحكيم في الأمرين كليهما من التعذيب والغفران ، فكأنَّ " العزيز الحكيم " أليقُ بهذا المكان لعمومه وأنه يجمع الشرطين ، ولم يصلُحْ " الغفور الرحيم " أَنْ يحتمل من العموم ما احتمله " العزيز الحكيم " قلت : " وكلامُه فيه دقةٌ ، وذلك أنه لا يريد بقوله " إنه معروف بالشرطين إلى آخره " أنه جوابٌ لهما صناعةً ، لأنَّ ذلك فاسدٌ من حيث الصناعةُ العربية ؛ فإنَّ الأول قد أخذ جوابَه وهو " فإنهم عبادُك " وهو جوابٌ مطابِقٌ فإنَّ العبدَ قابل ليصرّفه سيدُه كيف شاء ، وإنما يريد بذلك أنه متعلق بهما من جهة المعنى . وقد أكثر الناسُ في الكلامِ على هذه الآية بما لا يحتمله هذا الموضوع ، وإنما تعرَّضْتُ لبعضِها لتعلُّقِه بالقراءة الشاذة والرسم الشاذ .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.