{ وإن تغفر لهم } فيه سؤال وهو أنه كيف جاز لعيسى هذا القول والله تعالى لا يغفر الشرك ؟ والجواب أن قوله لعيسى عليه السلام { أأنت قلت الناس } مبني على أن قوماً من النصارى حكوا عنه هذا الكلام ، والحاكي لهذا الكفر عنه لا يكون كافراً بل يكون مذنباً فقط ، ولو سلم أنه أشرك فغفران الشرك جائز عندنا وعند جمهور البصريين من المعتزلة لأن العقاب حق الله على المذنب وليس في إسقاطه على الله تعالى مضرة ، بل كلما كان الجرم أعظم كان العفو أحسن ، إلا أن الدليل السمعي في شرعنا دل على أنه لا يكون ، فلعل هذا الدليل السمعي لم يكن موجوداً في شرع عيسى عليه السلام ، أو لعل عيسى جوّز أن يكون بعضهم قد تاب عنه . أما من زعم أن هذه المناظرة والمحاورة إنما كانت عند رفعه إلى السماء فلا إشكال أصلاً لأن المراد إن توفيتهم على هذا الكفر وعذبتهم فإنهم عبادك فلك ذاك ، وإن أخرجتهم بتوفيقك من ظلمة الكفر إلى نور الإيمان وغفرت لهم ما سلف منهم { فإنك أنت العزيز } القادر على ما تريد { الحكيم } في كل ما تفعل لا اعتراض لأحد عليك ، وفي مصحف عبد الله { فإنك أنت الغفور الرحيم } وضعفه العلماء لأن ذلك يشعر بكونه شفيعاً لهم لا على تفويض الأمر بالكلية إلى حكمه تعالى ، والمقام هذا لا ذاك ، وعن بعضهم أن ذكر الغفور والرحيم يشبه الحالة الموجبة للمغفرة والرحمة ، وأما العزة والحكمة فلا يوجبان إلا التعالي عن جميع جهات الاستحقاق ، فحصول المغفرة بعد ثبوت هذا الاستغناء والعزة يكون أدل على كمال العفو والرحمة فإن العفو عند المقدرة . قال بعض العلماء : في الآية نوع شفاعة من عيسى عليه السلام لفساق أمته ، فلأن يثبت ذلك من محمد صلى الله عليه وسلم لفساق أمته أولى .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.