المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{مَا يُجَٰدِلُ فِيٓ ءَايَٰتِ ٱللَّهِ إِلَّا ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَلَا يَغۡرُرۡكَ تَقَلُّبُهُمۡ فِي ٱلۡبِلَٰدِ} (4)

4- ما يمارى في آيات الله الدالة عليه إلا الذين كفروا ، فلا يخدعك تنقلهم في البلاد بتيسير الله شئونهم مع كفرهم .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{مَا يُجَٰدِلُ فِيٓ ءَايَٰتِ ٱللَّهِ إِلَّا ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَلَا يَغۡرُرۡكَ تَقَلُّبُهُمۡ فِي ٱلۡبِلَٰدِ} (4)

{ 4 - 6 } { مَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللَّهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلَادِ * كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَالْأَحْزَابُ مِنْ بَعْدِهِمْ وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ * وَكَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحَابُ النَّارِ }

يخبر تبارك وتعالى أنه ما يجادل في آياته إلا الذين كفروا والمراد بالمجادلة هنا ، المجادلة لرد آيات الله ومقابلتها بالباطل ، فهذا من صنيع الكفار ، وأما المؤمنون فيخضعون لله تعالى الذي يلقي الحق ليدحض به الباطل ، ولا ينبغي للإنسان أن يغتر بحالة الإنسان الدنيوية ، ويظن أن إعطاء الله إياه في الدنيا دليل على محبته له وأنه على الحق ولهذا قال : { فَلَا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلَادِ } أي : ترددهم فيها بأنواع التجارات والمكاسب ، بل الواجب على العبد ، أن يعتبر الناس بالحق ، وينظر إلى الحقائق الشرعية ويزن بها الناس ، ولا يزن الحق بالناس ، كما عليه من لا علم ولا عقل له .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{مَا يُجَٰدِلُ فِيٓ ءَايَٰتِ ٱللَّهِ إِلَّا ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَلَا يَغۡرُرۡكَ تَقَلُّبُهُمۡ فِي ٱلۡبِلَٰدِ} (4)

ما يجادل في آيات الله إلا الذين كفروا ، فلا يغررك تقلبهم في البلاد . كذبت قبلهم قوم نوح والأحزاب من بعدهم ، وهمت كل أمة برسولهم ليأخذوه ، وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق ، فأخذتهم ، فكيف كان عقاب ? وكذلك حقت كلمة ربك على الذين كفروا أنهم أصحاب النار ) . .

بعد تقرير تلك الصفات العلوية ، وتقرير الوحدانية ، يقرر أن هذه الحقائق مسلمة من كل من في الوجود ، وكل ما في الوجود ، ففطرة الوجود كله مرتبطة بهذه الحقائق ، متصلة بها الاتصال المباشر ، الذي لا تجادل فيه ولا تماحل . والوجود كله مقتنع بآيات الله الشاهدة بحقيقته ووحدانيته . وما من أحد يجادل فيها إلا الذين كفروا وحدهم ، شذوذاً عن كل ما في الوجود وكل من في الوجود :

( ما يجادل في آيات الله إلا الذين كفروا ) . .

فهم وحدهم من بين هذا الوجود الهائل يشذون ؛ وهم وحدهم من بين هذا الخلق العظيم ينحرفون . وهم - بالقياس إلى هذا الوجود - أضعف وأقل من النمل بالقياس إلى هذه الأرض . وهم حين يقفون في صف يجادلون في آيات الله ؛ ويقف الوجود الهائل كله في صف معترفاً بخالق الوجود مستنداً إلى قوة العزيز الجبار . . هم في هذا الموقف مقطوع بمصيرهم ، مقضي في أمرهم ؛ مهما تبلغ قوتهم ؛ ومهما يتهيأ لهم من أسباب المال والجاه والسلطان :

( فلا يغررك تقلبهم في البلاد ) . .

فمهما تقلبوا ، وتحركوا ، وملكوا ، واستمتعوا ، فهم إلى اندحار وهلاك وبوار . ونهاية المعركة معروفة . إن كان ثمت معركة يمكن أن تقوم بين قوة الوجود وخالقه ، وقوة هؤلاء الضعاف المساكين !

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{مَا يُجَٰدِلُ فِيٓ ءَايَٰتِ ٱللَّهِ إِلَّا ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَلَا يَغۡرُرۡكَ تَقَلُّبُهُمۡ فِي ٱلۡبِلَٰدِ} (4)

يقول تعالى : ما يدفع الحق ويجادل فيه بعد البيان وظهور البرهان { إِلا الَّذِينَ كَفَرُوا } أي : الجاحدون لآيات الله وحججه وبراهينه ، { فَلا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلادِ } أي : في أموالهم ونعيمها وزهرتها ، كما قال : { لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ . مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ } [ آل عمران : 196 ، 197 ] ، وقال تعالى : { نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلا ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ } [ لقمان : 24 ] .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{مَا يُجَٰدِلُ فِيٓ ءَايَٰتِ ٱللَّهِ إِلَّا ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَلَا يَغۡرُرۡكَ تَقَلُّبُهُمۡ فِي ٱلۡبِلَٰدِ} (4)

القول في تأويل قوله تعالى : { مَا يُجَادِلُ فِيَ آيَاتِ اللّهِ إِلاّ الّذِينَ كَفَرُواْ فَلاَ يَغْرُرْكَ تَقَلّبُهُمْ فِي الْبِلاَدِ * كَذّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَالأحْزَابُ مِن بَعْدِهِمْ وَهَمّتْ كُلّ أُمّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُواْ بِهِ الْحَقّ فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ } .

يقول تعالى ذكره : ما يخاصم في حجج الله وأدلته على وحدانيته بالإنكار لها ، إلا الذين جحدوا توحيده .

وقوله : فَلا يَغْرُرْكَ تَقَلّبُهُمْ في البِلادِ يقول جلّ ثناؤه : فلا يخدعك يا محمد تصرّفهم في البلاد وبقاؤهم ومكثهم فيها ، مع كفرهم بربهم ، فتحسب أنهم إنما أمهلوا وتقلبوا ، فتصرّفوا في البلاد مع كفرهم بالله ، ولم يعاجلوا بالنقمة والعذاب على كفرهم لأنهم على شيء من الحق فإنا لم نمهلهم لذلك ، ولكن ليبلغ الكتاب أجله ، ولتحقّ عليهم كلمة العذاب ، عذاب ربك ، كما :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة فلا يَغْرُرْكَ تَقَلّبُهُمْ فِي البِلاد أسفارهم فيها ، ومجيئهم وذهابهم .

ثم قصّ على رسول الله صلى الله عليه وسلم قصص الأمم المكذّبة رسلها ، وأخبره أنهم كانوا من جدالهم لرسله على مثل الذي عليه قومه الذين أرسل إليهم ، وإنه أحلّ بهم من نقمته عند بلوغهم أمدهم بعد إعذار رسله إليهم ، وإنذارهم بأسه ما قد ذكر في كتابه إعلاما منه بذلك نبيه ، أن سنته في قومه الذين سلكوا سبيل أولئك في تكذيبه وجداله سنته من إحلال نقمته بهم ، وسطوته بهم ، فقال تعالى ذكره : كذبت قبل قومك المكذّبين لرسالتك إليهم رسولاً ، المجادليك بالباطل قوم نوح والأحزاب من بعدهم ، وهم الأمم الذين تحزّبُوا وتجمّعوا على رسلهم بالتكذيب لها ، كعاد وثمود ، وقوم لوط ، وأصحاب مَدْيَن وأشباههم . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : كَذّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ والأحْزَابُ مِنْ بَعْدِهِمْ قال : الكفار .

وقوله : وَهمّتْ كُلّ أُمّةٍ برَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ يقول تعالى ذكره : وهمت كلّ أمة من هذه الأمم المكذبة رسلها ، المتحزّبة على أنبيائها ، برسولهم الذي أُرسل إليهم ليأخذوه فيقتلوه ، كما :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة وَهَمّتْ كُلّ أُمّةٍ بِرَسُولِهِمْ لَيأْخُذُوهُ : أي ليقتلوه ، وقيل برسولهم وقد قيل : كلّ أمة ، فوجّهت الهاء والميم إلى الرجل دون لفظ الأمة ، وقد ذُكر أن ذلك في قراءة عبد الله «برسولها » ، يعني برسول الأمة .

وقوله : وجَادَلُوا بالباطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الحَقَ يقول : وخاصموا رسولهم بالباطل من الخصومة ليبطلوا بجدالهم إياه وخصومتهم له الحقّ الذي جاءهم به من عند الله ، من الدخول في طاعته ، والإقرار بتوحيده ، والبراءة من عبادة ما سواه ، كما يخاصمك كفار قومك يا محمد بالباطل .

وقوله : فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كانَ عِقَابِ يقول تعالى ذكره : فأخذت الذين هموا برسولهم ليأخذوه بالعذاب من عندي ، فكيف كان عقابي إياهم ، ألم أهلكهم فأجعلهم للخلق عبرة ، ولمن بعدهم عظة ؟ وأجعل ديارهم ومساكنهم منهم خلاء ، وللوحوش ثواء . وقد :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة فَأَخَذَتْهُمْ فَكَيْفَ كانَ عِقَابِ قال : شديد والله .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{مَا يُجَٰدِلُ فِيٓ ءَايَٰتِ ٱللَّهِ إِلَّا ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَلَا يَغۡرُرۡكَ تَقَلُّبُهُمۡ فِي ٱلۡبِلَٰدِ} (4)

وقوله : { ما يجادل في آيات الله } يريد جدالاً باطلاً ، لأن الجدال فيها يقع من المؤمنين لكن في إثباتها وشرحها .

وقوله : { فلا يغررك } أنزله منزلة : «فلا يحزنك ولا يهمنك » ، لتدل الآية على أنهم ينبغي أن لا يغتروا بإملاء الله تعالى لهم ، فالخطاب له والإشارة إلى من يقع منه الاغترار ، ويحتمل أن يكون { يغررك } بمعنى تظن أن وراء تقلبهم وإمهالهم خيراً لهم فتقول عسى أن لا يعذبوا وحل الفعل من الإدغام لسكون الحرف الثاني ، وحيث هما متحركان لا يجوز الحل ، لا تقول زيد يغررك{[9963]} . و : { تقلبهم في البلاد } عبارة عن تمتعهم بالمساكين والمزارع والأسفار وغير ذلك .


[9963]:فك الإدغام لغة أهل الحجاز، والإدغام لغة تميم، وقد قرأ بها زيد بن علي، وعبيد بن عمير.