المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{إِذَا وَقَعَتِ ٱلۡوَاقِعَةُ} (1)

مقدمة السورة:

بدئت السورة بالحديث عن وقوع القيامة ، والأحداث التي تصحب وقوعها ، ثم أخبرت أن الخلق في ذلك اليوم ثلاثة أصناف ، معقبة ذلك بتفصيل واف عما أعد لكل صنف من نعيم يلائم منزلته ، أو عذاب يناسب كفره وعصيانه .

ثم أوضحت الآيات بعد ذلك مظاهر نعم الله تعالى ، وآثار قدرته في الخلق والزرع والماء والنار ، وما تقتضيه هذه الآثار الواضحة من تسبيح الله العظيم وتقديسه ، وأقسمت الآيات على مكانة القرآن الكريم ، وما يستحقه من تقديس . ناعية على الكافرين سوء صنيعهم ، من وضعهم التكذيب مكان الشكر . وعقبت ذلك بإجمال لما فصلته عن الأصناف الثلاثة وما ينتظر كل صنف من نعيم أو جحيم .

وختمت السورة بتأكيد أن كل ما جاء فيها هو القين الصادق والحق الثابت ، ورتبت على ذلك الأمر بتنزيه اله تعالى وتقديسه .

1 - إذا وقعت القيامة ، لا تكون نفس مكذبة بوقوعها ، هي خافضة للأشقياء رافعة للسعداء .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{إِذَا وَقَعَتِ ٱلۡوَاقِعَةُ} (1)

مقدمة السورة:

تفسير سورة الواقعة [ وهي ] مكية

{ 1-12 } { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ * لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ * خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ * إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا * وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا * فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا * وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً * فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ * وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ * وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ * فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ }

يخبر تعالى بحال الواقعة التي لا بد من وقوعها ،

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِذَا وَقَعَتِ ٱلۡوَاقِعَةُ} (1)

مقدمة السورة:

سورة الواقعة مكية وآياتها ست وتسعون

الواقعة . . اسم للسورة وبيان لموضوعها معا . فالقضية الأولى التي تعالجها هذه السورة المكية هي قضية النشأة الآخرة ، ردا على قولة الشاكين فيها ، المشركين بالله ، المكذبين بالقرآن : أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا لمبعوثون ? أو آباؤنا الأولون ? . .

ومن ثم تبدأ السورة بوصف القيامة . وصفها بصفتها التي تنهي كل قول ، وتقطع كل شك ، وتشعر بالجزم في هذا الأمر . . الواقعة . . ( إذا وقعت الواقعة ليس لوقعتها كاذبة ) . . وتذكر من أحداث هذا اليوم ما يميزه عن كل يوم ، حيث تتبدل أقدار الناس ، وأوضاع الأرض ، في ظل الهول الذي يبدل الأرض غير الأرض ، كما يبدل القيم غير القيم سواء : خافضة رافعة . . إذا رجت الأرض رجا ، وبست الجبال بسا ، فكانت هباء منبثا . وكنتم أزواجا ثلاثة . . . الخ .

ثم تفصل السورة مصائر هذه الأزواج الثلاثة : السابقين وأصحاب الميمنة وأصحاب المشأمة . وتصف ما يلقون من نعيم وعذاب وصفا مفصلا أوفى تفصيل ، يوقع في الحس أن هذا أمر كائن واقع ، لا مجال للشك فيه ، وهذه أدق تفصيلاته معروضة للعيان . حتى يرى المكذبون رأي العين مصيرهم ومصير المؤمنين . وحتى يقال عنهم هنالك بعد وصف العذاب الأليم الذي هم فيه : إنهم كانوا قبل ذلك مترفين . وكانوا يصرون على الحنث العظيم . وكانوا يقولون : أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا لمبعوثون ? أو آباؤنا الأولون . . وكأن العذاب هو الحاضر والدنيا هي الماضي الذي يذكر للترذيل والتقبيح . ترذيل حالهم في الدنيا وتقبيح ما كانوا عليه من تكذيب !

وبهذا ينتهي الشوط الأول من السورة . ويبدأ شوط جديد يعالج قضية العقيدة كلها ، متوخيا توكيد قضية البعث التي هي موضوع السورة الأول ؛ بلمسات مؤثرة ، يأخذ مادتها وموضوعها مما يقع تحت حس البشر ، في حدود المشاهدات التي لا تخلو منها تجربة إنسان ، أيا كانت بيئته ، ودرجة معرفته وتجربته .

يعرض نشأتهم الأولى من مني يمنى . ويعرض موتهم ونشأة آخرين مثلهم من بعدهم في مجال التدليل على النشأة الأخرى ، التي لا تخرج في طبيعتها ويسرها عن النشأة الأولى ، التي يعرفونها جميعا .

ويعرض صورة الحرث والزرع ، وهو إنشاء للحياة في صورة من صورها . إنشاؤها بيد الله وقدرته . ولو شاء الله لم تنشأ ، ولو شاء لم تؤت ثمارها .

ويعرض صورة الماء العذب الذي تنشأ به الحياة كلها . وهو معلق بقدرة الله ينزله من السحائب . ولو شاء جعله ملحا أجاجا ، لا ينبت حياة ، ولا يصلح لحياة .

وصورة النار التي يوقدون ، وأصلها الذي تنشأ منه . . الشجر . . وعند ذكر النار يلمس وجدانهم منذرا . ويذكرهم بنار الآخرة التي يشكون فيها .

وكلها صور من مألوفات حياتهم الواقعة ، يلمس بها قلوبهم ، ولا يكلفهم فيها إلا اليقظة ليد الله وهي تنشئها وتعمل فيها .

كذلك يتناول هذا الشوط قضية القرآن الذي يحدثهم عن " الواقعة " فيشكون في وعيده . فيلوح بالقسم بمواقع النجوم ، ويعظم من أمر هذا القسم لتوكيد أن هذا الكتاب هو قرآن كريم في كتاب مكنون لا يمسه إلا المطهرون ، وأنه تنزيل من رب العالمين .

ثم يواجههم في النهاية بمشهد الاحتضار . في لمسة عميقة مؤثرة . حين تبلغ الروح الحلقوم ، ويقف صاحبها على حافة العالم الآخر ؛ ويقف الجميع مكتوفي الأيدي عاجزين ، لا يملكون له شيئا ، ولا يدرون ما يجري حوله ، ولا ما يجري في كيانه . ويخلص أمره كله لله ، قبل أن يفارق هذه الحياة . ويرى هو طريقه المقبل ، حين لا يملك أن يقول شيئا عما يرى ولا أن يشير !

ثم تختم السورة بتوكيد الخبر الصادق ، وتسبيح الله الخالق : ( إن هذا لهو حق اليقين . فسبح باسم ربك العظيم ) . . فيلتئم المطلع والختام أكمل التئام . .

( إذا وقعت الواقعة . ليس لوقعتها كاذبة . خافضة رافعة . إذا رجت الأرض رجا . وبست الجبال بسا . فكانت هباء منبثا . . . ) .

هذا المطلع واضح فيه التهويل في عرض هذا الحدث الهائل . وهو يتبع أسلوبا خاصا يلحظ فيه هذا المعنى ، ويتناسق مع مدلولات العبارة . فمرتين يبدأ بإذا الشرطية يذكر شرطها ولا يذكر جوابها . ( إذا وقعت الواقعة . ليس لوقعتها كاذبة . خافضة رافعة ) . . ولا يقول : ماذا يكون إذا وقعت الواقعة وقعة صادقة ليس لها كاذبة ، وهي خافضة رافعة . ولكن يبدأ حديثا جديدا : ( إذا رجت الأرض رجا . وبست الجبال بسا . فكانت هباء منبثا . ) . . ومرة أخرى لا يقول : ماذا يكون إذا كان هذا الهول العظيم . . فكأنما هذا الهول كله مقدمة ، لا يذكر نتائجها ، لأن نتائجها أهول من أن يحيط بها اللفظ ، أو تعبر عنها العبارة !

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{إِذَا وَقَعَتِ ٱلۡوَاقِعَةُ} (1)

بسم الله الرحمَن الرحيم

القول في تأويل قوله تعالى : { إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ * لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ * خَافِضَةٌ رّافِعَةٌ * إِذَا رُجّتِ الأرْضُ رَجّاً * وَبُسّتِ الْجِبَالُ بَسّاً * فَكَانَتْ هَبَآءً مّنبَثّاً } .

يعني تعالى ذكره بقوله : إذَا وَقَعَتِ الوَاقَعةُ : إذا نزلت صيحة القيامة ، وذلك حين يُنفخ في الصور لقيام الساعة . كما :

حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : حدثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : إذَا وَقَعتِ الوَاقِعَةُ يعني : الصيحة .

حدثنا عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، في قوله : إذَا وَقَعَتِ الوَاقِعَةِ الواقعة والطامة والصاخة ، ونحو هذا من أسماء القيامة ، عظّمه الله ، وحذّره عباده .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{إِذَا وَقَعَتِ ٱلۡوَاقِعَةُ} (1)

مقدمة السورة:

( 56 ) سورة الواقعة مكية

وآياتها ست وتسعون

وهي مكية بإجماع ممن يعتد بقوله من المفسرين وقيل إن فيها آيات مدنية أو مما نزل في السفر{[1]} ، وهذا كله غير ثابت وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ( من داوم على قراءة سورة الواقعة لم يفتقر أبدا ){[2]} ودعا عثمان بن مسعود إلى عطائه فأبى أن يأخذ فقيل له خذ للعليا فقال إنهم يقرؤون سورة الواقعة سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول ( من قرآها لم يفتقر أبدا ) . {[3]}

قال القاضي أبو محمد فيها ذكر القيامة وحظوظ النفس في الآخرة ، وفهم ذلك غنى لا فقر معه ، ومن فهمه شغل بالاستعداد .

{ الواقعة } : اسم من أسماء القيامة ك { الصاعقة } [ البقرة : 55 ، النساء : 153 ] و { الأزفة } [ غافر : 18 ، النجم : 57 ] و { الطامة } [ النازعات : 34 ] قاله ابن عباس ، وهذه كلها أسماء تقتضي تعظيمها وتشنيع أمرها . وقال الضحاك : { الواقعة } : الصيحة وهي النفخة في الصور . وقال بعض المفسرين : { الواقعة } : صخرة بيت المقدس ، تقع عند القيامة ، فهذه كلها معان لأجل القيامة .


[1]:- أي فيمن نزلت، أفي المؤمنين جميعا أم في مؤمني أهل الكتاب؟
[2]:- ولم يكن الله ليمتن على رسوله بإيتائه فاتحة الكتاب وهو بمكة، ثم ينزلها بالمدينة، ولا يسعنا القول بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقام بمكة بضع عشرة سنة يصلي بلا فاتحة الكتاب، هذا ما لا تقبله العقول، قاله الواحدي. وقوله تعالى: (ولقد آتيناك...) هو من الآية رقم (87) من سورة الحجر.
[3]:- أخرجه الإمام مالك في الموطأ المشهور بلفظ: (السبع المثاني القرآن العظيم الذي أعطيته) والترمذي وغيرهما، وخرج ذلك أيضا الإمام البخاري وغيره، عن أبي سعيد ابن المعلى في أول كتاب التفسير، وفي أول كتاب الفضائل بلفظ: (السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته). والسبع الطوال هي: البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، والأنعام، والأعراف، والأنفال، فقوله: والسبع الطوال إلخ. رد على من يقول: إنما السبع المثاني.