المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{يَٰعِبَادِيَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِنَّ أَرۡضِي وَٰسِعَةٞ فَإِيَّـٰيَ فَٱعۡبُدُونِ} (56)

56- يا عبادي الذين صدَّقوا بي وبرسولي : إنّ أرضى واسعة لمن أراد أن يفر عن مواطن الشرك . ففروا إلى مخلصين لي العبادة .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{يَٰعِبَادِيَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِنَّ أَرۡضِي وَٰسِعَةٞ فَإِيَّـٰيَ فَٱعۡبُدُونِ} (56)

{ 56 - 59 } { يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ * كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ * وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفًا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ * الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ }

يقول تعالى : { يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا } بي وصدقوا رسولي { إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ } فإذا تعذرت عليكم عبادة ربكم في أرض ، فارتحلوا منها إلى أرض أخرى ، حيث كانت العبادة للّه وحده ، فأماكن العبادة ومواضعها ، واسعة ، والمعبود واحد .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{يَٰعِبَادِيَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِنَّ أَرۡضِي وَٰسِعَةٞ فَإِيَّـٰيَ فَٱعۡبُدُونِ} (56)

القول في تأويل قوله تعالى : { يَعِبَادِيَ الّذِينَ آمَنُوَاْ إِنّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيّايَ فَاعْبُدُونِ } .

يقول تعالى ذكره للمؤمنين به من عباده : يا عبادي الذين وحّدوني وآمنوا بي وبرسولي محمد صلى الله عليه وسلم إنّ أرْضِي وَاسِعَةٌ .

واختلف أهل التأويل في المعنى الذي أريد من الخبر عن سعة الأرض ، فقال بعضهم : أريد بذلك أنها لم تضق عليكم فتقيموا بموضع منها لا يحلّ لكم المُقام فيه ، ولكن إذا عمل بمكان منها بمعاصي الله فلم تقدروا على تغييره ، فاهرُبوا منه . ذكر من قال ذلك :

حدثنا محمد بن بشار ، قال : حدثنا أبو أحمد ، قال : حدثنا سفيان ، عن الأعمش ، عن سعيد بن جبير ، في قوله : إنّ أرْضِي وَاسِعَةٌ قال : إذا عمِل فيها بالمعاصي ، فاخرج منها .

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن سعيد بن جُبَير ، في قوله إنّ أرْضِي وَاسِعَةٌ قال : إذا عمل فيها بالمعاصي ، فاخرج منها .

حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا جرير ، عن ليث ، عن رجل ، عن سعيد بن جُبَير ، قال : اهرُبوا فإن أرضي واسعة .

حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا أبي ، عن شريك ، عن منصور ، عن عطاء ، قال : إذا أمِرتم بالمعاصي فاهرُبوا ، فإن أرضي واسعة .

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا أبو أحمد ، قال : حدثنا شريك ، عن منصور ، عن عطاء إنّ أرْضِي وَاسِعَةٌ قال : مجانبة أهل المعاصي .

حدثنا محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قول الله إنّ أرْضِي وَاسِعَةٌ ، فهاجروا وجاهدوا .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد في قوله يا عِبادِيَ الّذِينَ آمَنُوا إنّ أرضِي وَاسِعَةٌ فإيّايَ فاعْبُدُونِ فقلت : يريد بهذا من كان بمكة من المؤمنين ، فقال : نعم .

وقال آخرون : معنى ذلك : إن ما أخرج من أرضي لكم من الرزق واسع لكم . ذكر من قال ذلك :

حدثنا الحسن بن عرفة ، قال : ثني زيد بن الحباب ، عن شدّاد بن سعيد بن مالك أبي طلحة الراسبي عن غَيْلان بن جرير المِعْولي ، عن مطرّف بن عبد الله بن الشّخّير العامري ، في قول الله : إنّ أرْضِي وَاسِعَةٌ : قال : إن رزقي لكم واسع .

حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا زيد بن حباب ، عن شدّاد ، عن غَيلان بن جرير ، عن مُطَرّف بن الشّخّير إنّ أرْضِي وَاسِعَةٌ قال : رزقي لكم واسع .

وأولى القولين بتأويل الاَية قول من قال : معنى ذلك : إن أرضي واسعة ، فاهربوا ممن منعكم من العمل بطاعتي لدلالة قوله فإيّايَ فاعْبُدُونِ على ذلك ، وأن ذلك هو أظهر معنييه ، وذلك أن الأرض إذا وصفها بِسعَة ، فالغالب من وصفه إياها بذلك ، أنها لا تضيق جميعها على من ضاق عليه منها موضع ، لا أنه وصفها بكثرة الخير والخصب .

وقوله : فإيّايَ فاعْبُدُونِ يقول : فأخلِصوا إلى عبادتكم وطاعتكم ، ولا تطيعوا في معصيتي أحدا .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{يَٰعِبَادِيَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِنَّ أَرۡضِي وَٰسِعَةٞ فَإِيَّـٰيَ فَٱعۡبُدُونِ} (56)

{ يا عبادي الذين آمنوا أن أرضي واسعة فإياي فاعبدون } أي إذا لم يتسهل لكم العبادة في بلدة ولم يتيسر لكم إظهار دينكم فهاجروا إلى حيث يتمشى لكم ذلك ، وعنه عليه الصلاة والسلام : " من فر بدينه من أرض إلى أرض ولو كان شرا استوجب الجنة وكان رفيق إبراهيم محمد عليهما السلام " . والفاء جواب شرط محذوف إذ المعنى إن أرضي واسعة أن لم تخلصوا العبادة لي في أرض فأخلصوها في غيرها .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{يَٰعِبَادِيَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِنَّ أَرۡضِي وَٰسِعَةٞ فَإِيَّـٰيَ فَٱعۡبُدُونِ} (56)

هذه الآيات نزلت في تحريض المؤمنين الذين كانوا بمكة على الهجرة ، فأخبرهم تعالى بسعة أرضه وأن البقاء في بقعة على أذى الكفار ليس بصواب ، بل الصواب أن تلتمس عبادة الله في أرضه ، وقال ابن جبير وعطاء ومجاهد : إن الأرض التي فيها الظلم والمنكر تترتب فيها هذه الآية وتلزم الهجرة عنها إلى بلد حق ، وقاله مالك ، وقال مطرف بن الشخير{[9270]} قوله { إن أرضي واسعة } عدة بسعة الرزق في جميع الأرض ، وقرأ ابن كثير ونافع وعاصم وابن عامر «يا عباديَ » بفتح الياء ، وقرأ ابن عامر وحده «إن أرضيَ » بفتح الياء أيضاً ، وقرأ أبو عمرو وحمزة والكسائي بسكونها ، وكذلك قرأ نافع وعاصم «أرضي » ساكنة ، وقوله تعالى : { فإياي } منصوب بفعل مقدر يدل عليه الظاهر تقديره { فإياي } اعبدوا { فاعبدون }{[9271]} على الاهتمام أيضاً في التقديم .


[9270]:مطرف بن عبد الله بن الشخير، العامري، الحرشي، أبو عبد الله البصري، قال عنه الحافظ بن حجر في التقريب: ثقة عابد فاضل من الثانية، مات سنة خمس وسبعين.
[9271]:هو من باب الاشتغال ، وعلى ذلك فالتقدير: فاعبدوا إياي فاعبدون.