المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{قَالَ قَدۡ أُجِيبَت دَّعۡوَتُكُمَا فَٱسۡتَقِيمَا وَلَا تَتَّبِعَآنِّ سَبِيلَ ٱلَّذِينَ لَا يَعۡلَمُونَ} (89)

89- قال الله تعالى : قد أجيب دعاؤكما ، فاستمرا على السير في الطريق المستقيم ، واتركا سبيل أولئك الذين لا يعلمون الأمور على وجهها ولا يذعنون للحق الذي وضح .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{قَالَ قَدۡ أُجِيبَت دَّعۡوَتُكُمَا فَٱسۡتَقِيمَا وَلَا تَتَّبِعَآنِّ سَبِيلَ ٱلَّذِينَ لَا يَعۡلَمُونَ} (89)

{ 89 } { قَالَ } الله تعالى { قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا } هذا دليل على أن موسى ، [ كان ] يدعو ، وهارون يؤمن على دعائه ، وأن الذي يؤمن ، يكون شريكا للداعي في ذلك الدعاء .

{ فَاسْتَقِيمَا } على دينكما ، واستمرا على دعوتكما ، { وَلَا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ } أي : لا تتبعان سبيل الجهال الضلال ، المنحرفين عن الصراط المستقيم ، المتبعين لطرق الجحيم ، فأمر الله موسى أن يسري ببني إسرائيل ليلاً ، وأخبره أنهم يتبعون ، وأرسل فرعون في المدائن حاشرين يقولون : { إِنَّ هَؤُلَاءِ } أي : موسى وقومه : { لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ }

فجمع جنوده ، قاصيهم ودانيهم ، فأتبعهم بجنوده ، بغيًا وعدوًا أي : خروجهم باغين على موسى وقومه ، ومعتدين في الأرض ، وإذا اشتد البغي ، واستحكم الذنب ، فانتظر العقوبة .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{قَالَ قَدۡ أُجِيبَت دَّعۡوَتُكُمَا فَٱسۡتَقِيمَا وَلَا تَتَّبِعَآنِّ سَبِيلَ ٱلَّذِينَ لَا يَعۡلَمُونَ} (89)

القول في تأويل قوله تعالى : { قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دّعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا وَلاَ تَتّبِعَآنّ سَبِيلَ الّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ } .

وهذا خبر من الله عن إجابته لموسى صلى الله عليه وسلم وهارون دعاءهما على فرعون وأشراف قومه وأموالهم . يقول جلّ ثناؤه : قَالَ الله لهما قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما في فرعون وملئه وأموالهم .

فإن قائل قائل : وكيف نسبت الإجابة إلى اثنين والدعاء إنما كان من واحد ؟ قيل : إن الداعي وإن كان واحدا فإن الثاني كان مؤمنا وهو هارون ، فلذلك نسبت الإجابة إليهما ، لأن المؤمّن داعٍ . وكذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، عن ابن جريج ، عن رجل ، عن عكرمة في قوله : قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما قال : كان موسى يدعوا وهارون يؤمّن ، فذلك قوله : قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما .

وقد زعم بعض أهل العربية أن العرب تخاطب الواحد خطاب الاثنين ، وأنشد في ذلك :

فَقُلْتُ لِصَاحِبي لا تُعْجِلانا *** بِنَزْعِ أُصُولِهِ وَاجْتَزّ شِيحَا

حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا زكريا بن عديّ ، عن ابن المبارك ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن أبي صالح قال : قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما قال : دعا موسى ، وأمّن هارُون .

حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا أبي وزيد بن حباب ، عن موسى بن عبيدة ، عن محمد بن كعب ، قال : دعا موسى ، وأمّن هارون .

قال : حدثنا أبو معاوية ، عن شيخ له ، عن محمد بن كعب ، قال : دعا موسى ، وأمّن هارون .

حدثنا المثنى ، قال : حدثنا أبو نعيم قال : حدثنا أبو جعفر ، عن الربيع ، عن أبي العالية ، قال : قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما قال : دعا موسى ، وأمّن هارون .

قال : حدثنا إسحاق ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن سعد ، وعبد الله بن أبي جعفر ، عن أبي جعفر ، عن الربيع بن أنس ، قال : دعا موسى وأمّن هارون ، فذلك قوله : قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما .

حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا الثوري ، عن رجل ، عن عكرمة في قوله : قالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما قال : كان موسى يدعو وهارون يؤمّن ، فذلك قوله قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، قال : قال ابن عباس : قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما لموسى وهارون . قال ابن جريج : قال عكرمة : أمّن هارون على دعاء موسى ، فقال الله : قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما فاسْتَقِيما .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد : كان هارون يقول : آمين ، فقال الله : قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما فصار التأمين دعوة صار شريكه فيها .

وأما قوله : فاسْتَقِيما فإنه أمر من الله تعالى لموسى وهارون بالاستقامة والثبات على أمرها من دعاء فرعون وقومه إلى الإجابة إلى توحيد الله وطاعته ، إلى أن يأتيهم عقاب الله الذي أخبرهما أنه أجابهما فيه . كما :

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، قال : قال ابن جريج ، قال ابن عباس : فاسْتَقِيما : فامضيا لأمري ، وهي الاستقامة .

قال ابن جريج يقولون : إن فرعون مكث بعد هذه الدعوة أربعين سنة .

وقوله : وَلا تَتّبِعانِ سَبِيلَ الّذِينَ لا يَعْلَمُونَ يقول : ولا تسلكان طريق الذين يجهلون حقيقة وعدي ، فتستعجلان قضائي ، فإن وعدي لا خالف له ، وإن وعيدي نازل بفرعون وعذابي واقع به وبقومه .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{قَالَ قَدۡ أُجِيبَت دَّعۡوَتُكُمَا فَٱسۡتَقِيمَا وَلَا تَتَّبِعَآنِّ سَبِيلَ ٱلَّذِينَ لَا يَعۡلَمُونَ} (89)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{قال قد أجيبت دعوتكما فاستقيما} إلى الله، فصار الداعي والمؤمن شريكين، {ولا تتبعان سبيل}، يعني طريق {الذين لا يعلمون} بأن الله وحده لا شريك له، يعني أهل مصر.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

هذا خبر من الله عن إجابته لموسى صلى الله عليه وسلم وهارون دعاءهما على فرعون وأشراف قومه وأموالهم. يقول جلّ ثناؤه: قَالَ الله لهما "قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما "في فرعون وملئه وأموالهم.

فإن قائل قائل: وكيف نسبت الإجابة إلى اثنين والدعاء إنما كان من واحد؟ قيل: إن الداعي وإن كان واحدا فإن الثاني كان مؤمنا وهو هارون، فلذلك نسبت الإجابة إليهما، لأن المؤمّن داعٍ...

وأما قوله: "فاسْتَقِيما" فإنه أمر من الله تعالى لموسى وهارون بالاستقامة والثبات على أمرهما من دعاء فرعون وقومه إلى الإجابة إلى توحيد الله وطاعته، إلى أن يأتيهم عقاب الله الذي أخبرهما أنه أجابهما فيه...

وقوله: "وَلا تَتّبِعانِ سَبِيلَ الّذِينَ لا يَعْلَمُونَ" يقول: ولا تسلكان طريق الذين يجهلون حقيقة وعدي، فتستعجلان قضائي، فإن وعدي لا خالف له، وإن وعيدي نازل بفرعون وعذابي واقع به وبقومه.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

(فاستقيما) على الرسالة وما أمرتكما به

(وَلا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) وهو كقوله لمحمد صلى الله عليه وسلم (ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون) [الجاثية: 18] ونحوه. وإن كان العلم محيطا أن الأنبياء، صلوات الله عليهم، لا يتبعون سبيل أولئك، ولا يتبعون أهواءهم لما عصمهم عز وجل ولكن ذكر هذا، والله أعلم، ليعلم أن العصمة لا تزيل النهي والأمر، بل تزيد حظرا ونهيا، والله أعلم.

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

حكى الله تعالى أنه اجاب موسى وهارون، فقال لهما "قد اجيبت دعوتكما "والجواب: موافقة للدعوة فيما طلب بها لوقوعها على تلك الصفة...

لطائف الإشارات للقشيري 465 هـ :

الاستقامةُ في الدعاء تَرْكُ الاستعجال في حصول المقصود، ولا يَسْقُطُ الاستعجالُ من القلب إلا بوجدان السكينة فيه، ولا تكون تلك السكينة إلا بِحُسْن الرضاء بجميع ما يبدو من الغيب.

ويقال من شرط الدعاء صِدْقُ الافتقار في الابتداء، ثم حُسْنُ الانتظار في الانتهاء، وكمال هذا الرضا بجريان الأقدار بما يبدو من المسار والمضار. ويقال في الآية تنبيهٌ على أنَّ للأمورِ آجالاً معلومة، فإذا جاء الوقت فلا تأخير للمقسوم في الوقت المعلوم.

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

... والمعنى: إنّ دعاءكما مستجاب، وما طلبتما كائن ولكن في وقته {فاستقيما}: فاثبتا على ما أنتما عليه من الدعوة والزيادة في إلزام الحجّة، فقد لبث نوح عليه السلام في قومه ألف عام إلاّ قليلاً ولا تستعجلا...

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

لما أخبر سبحانه عن دعائه عليه السلام، أخبر بإجابته بقوله مستأنفاً: {قال} ولما كان الموضع محل التوقع للإجابة، افتتحه بحرفه فقال: {قد أجيبت دعوتكما} والبناء للمفعول أدل على القدرة وأوقع في النفس من جهة الدلالة على الفاعل بالاستدلال، وثنى للإعلام بأن هارون عليه السلام مع موسى عليه السلام في هذا الدعاء، لأنه معه كالشيء الواحد لا خلاف منه له أصلاً وإن كان غائباً...

ولما كانت الطاعة وانتظار الفرج وإن طال زمنه أعظم أسباب الإجابة، سبب عن ذلك قوله: {فاستقيما} أي: فاثبتا على التعبد والتذلل والخضوع لربكما كما أن نوحاً عليه السلام ثبت على ذلك وطال زمنه جداً واشتد أذاه ولم يضجر؛ ولما كان الصبر شديداً. أكد قوله: {ولا تتبِّعان} بالاستعجال أو الفترة عن الشكر {سبيل الذين لا يعلمون}.

تفسير المنار لرشيد رضا 1354 هـ :

{قَالَ قَدْ أُجِيبَت دَّعْوتُكُمَا} أي قبلت، وإذا قبلت نفذت.

{فَاسْتَقِيمَا} على ما أنتما عليه من دعوة فرعون وقومه إلى الحق، ومن إعداد بني إسرائيل للخروج من مصر. وعن ابن عباس رضي الله عنه: فامضيا لأمري وهو الاستقامة.

{ولاَ تَتَّبِعَآنِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ} أي ولا تسلكان طريق الذين لا يعلمون سنتي في خلقي، وإنجاز وعدي لرسلي، فتستعجلا الأمر قبل أوانه، وتستبطئا وقوعه في إبانه.

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

(ولا تتبعان سبيل الذين لا يعلمون).. فيخبطوا على غير علم، ويترددوا في الخطط والتدبيرات، ويقلقوا على المصير، ولا يعرفوا إن كانوا يسيرون في الطريق الهادي أم هم ضلوا السبيل.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

والاستقامة: حقيقتها الاعتدال، وهي ضد الاعوجاج، وهي مستعملة كثيراً في معنى ملازمة الحق والرشد، لأنه شاع تشبيه الضلال والفساد بالاعوجاج والالتواء. وقيل للحق: طريق مستقيم. وفي حديث أبي عَمْرَةَ الثقفي قال: قلت: يا رسول الله قل لي في الإسلام قولاً لا أسأل عنه أحداً غيرك. قال: قل: آمنت بالله ثم استقم. ومن الاستقامة أن يستمرا على الدعوة إلى الدين ولا يضجرا.