ثم قال تعالى : { قد أجيبت دعوتكما } وفيه وجهان : الأول : قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما : أن موسى كان يدعو وهارون كان يؤمن ، فلذلك قال : { قد أجيبت دعوتكما } وذلك لأن من يقول عند دعاء الداعي آمين فهو أيضا داع ، لأن قوله آمين تأويله استجب فهو سائل كما أن الداعي سائل أيضا . الثاني : لا يبعد أن يكون كل واحد منهما ، ذكر هذا الدعاء غاية ما في الباب أن يقال : إنه تعالى حكى هذا الدعاء عن موسى بقوله : { وقال موسى ربنا إنك آتيت فرعون وملاه زينة وأموالا } إلا أن هذا لا ينافي أن يكون هارون قد ذكر ذلك الدعاء أيضا .
وأما قوله : { فاستقيما } يعني فاستقيما على الدعوة والرسالة ، والزيادة في إلزام الحجة فقد لبث نوح في قومه ألف سنة إلا قليلا فلا تستعجلا ، قال ابن جريج : إن فرعون لبث بعد هذا الدعاء أربعين سنة .
وأما قوله : { ولا تتبعان سبيل الذين لا يعلمون } ففيه بحثان :
البحث الأول : المعنى : لا تتبعان سبيل الجاهلين الذين يظنون أنه متى كان الدعاء مجابا كان المقصود حاصلا في الحال ، فربما أجاب الله تعالى دعاء إنسان في مطلوبه ، إلا أنه إنما يوصله إليه في وقته المقدر ، والاستعجال لا يصدر إلا من الجهال ، وهذا كما قال لنوح عليه السلام { إني أعظك أن تكون من الجاهلين }
واعلم أن هذا النهي لا يدل على أن ذلك قد صدر من موسى عليه السلام كما أن قوله : { لئن أشركت ليحبطن عملك } لا يدل على صدور الشرك منه .
البحث الثاني : قال الزجاج : قوله : { ولا تتبعان } موضعه جزم ، والتقدير : ولا تتبعا ، إلا أن النون الشديدة دخلت على النهي مؤكدة وكسرت لسكونها ، وسكون النون التي قبلها فاختير لها الكسرة ، لأنها بعد الألف تشبه نون التثنية ، وقرأ ابن عامر { ولا تتبعان } بتخفيف النون .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.