نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{قَالَ قَدۡ أُجِيبَت دَّعۡوَتُكُمَا فَٱسۡتَقِيمَا وَلَا تَتَّبِعَآنِّ سَبِيلَ ٱلَّذِينَ لَا يَعۡلَمُونَ} (89)

ولما أخبر{[38383]} سبحانه عن دعائه عليه السلام أخبر بإجابته بقوله مستأنفاً : { قال } ولما كان الموضع{[38384]} محل التوقع للإجابة ، افتتحه بحرفه فقال : { قد أجيبت دعوتكما } والبناء للمفعول أدل على القدرة وأوقع في النفس من جهة الدلالة على الفاعل بالاستدلال ، وثنى للإعلام بأن هارون عليه السلام مع موسى عليه السلام في هذا الدعاء ، لأنه معه كالشيء الواحد لا خلاف منه له أصلاً وإن كان غائباً ، وذلك كما بايع النبي صلى الله عليه وسلم عن عثمان رضي الله عنه في عمرة الحديبية فضرب بإحدى يديه على الأخرى وهو غائب في حاجة النبي صلى الله عليه وسلم ، وكذا ضرب له في غزوة بدر بسهمه وأجره وكان غائباً .

ولما كانت الطاعة وانتظار الفرج وإن طال زمنه أعظم أسباب الإجابة ، سبب عن ذلك قوله : { فاستقيما } أي فاثبتا على {[38385]}التعبد والتذلل{[38386]} والخضوع لربكما كما أن نوحاً عليه السلام ثبت على ذلك وطال زمنه جداً واشتد أذاه{[38387]} ولم يضجر ؛ ولما كان الصبر شديداً . أكد قوله : { ولا تتبِّعان } بالاستعجال أو الفترة عن الشكر { سبيل الذين لا يعلمون* }


[38383]:في ظ: أخبرنا.
[38384]:زيد من ظ.
[38385]:في ظ: التذلل والتعبد.
[38386]:في ظ: التذلل والتعبد.
[38387]:من ظ، وفي الأصل: داوه ـ كذا.