البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{قَالَ قَدۡ أُجِيبَت دَّعۡوَتُكُمَا فَٱسۡتَقِيمَا وَلَا تَتَّبِعَآنِّ سَبِيلَ ٱلَّذِينَ لَا يَعۡلَمُونَ} (89)

وقرأ ابن السميفع : قد أجبت دعوتكما خبراً عن الله تعالى ، ونصب دعوة والربيع دعوتيكما ، وهذا يؤكد قول من قال : إن هارون دعا مع موسى .

وقراءة دعوتيكما تدل على أنه قرأ قد أجبت على أنه فعل وفاعل ، ثم أمرا بالاستقامة ، والمعنى : الديمومة عليها وعلى ما أمرتما به من الدعوة إلى الله تعالى ، وإلزام حجة الله .

وقرأ الجمهور : تتبعان بتشديد التاء والنون ، وابن عباس وابن ذكوان بتخفيف التاء وشد النون ، وابن ذكوان أيضاً بتشديد التاء وتخفيف النون ، وفرقة بتخفيف التاء وسكون النون ، وروى ذلك الأخفش الدمشقي عن أصحابه عن ابن عامر ، فأما شد النون فعلى أنها نون التوكيد الشديدة لحقت فعل النهي المتصل به ضمير الاثنين ، وأما تخفيفها مكسورة فقيل : هي نون التوكيد الخفيفة ، وكسرت كما كسرت الشديدة .

وقد حكى النحويون كسر النون الخفيفة في مثل هذا عن العرب ، ومذهب سيبويه والكسائي أنها لا تدخل هنا الخفيفة ، ويونس والفراء يريان ذلك .

وقيل : النون المكسورة الخفيفة هي علامة الرفع ، والفعل منفي ، والمراد منه النهي ، أو هو خبر في موضع الحال أي : غير متبعين قاله الفارسي .

والذين لا يعلمون فرعون وقومه قاله : ابن عباس .

أو الذين يستعجلون القضاء قبل مجيئه ، ذكره أبو سليمان .