200-202 وَإِمَّا يَنزغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نزغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ * وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ثُمَّ لا يُقْصِرُونَ .
أي : أي وقت ، وفي أي حال يَنزغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نزغٌ أي : تحس منه بوسوسة ، وتثبيط عن الخير ، أو حث على الشر ، وإيعاز إليه . فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ أي : التجئ واعتصم باللّه ، واحتم بحماه فإنه سَمِيعٌ لما تقول . عَلِيمٌ بنيتك وضعفك ، وقوة التجائك له ، فسيحميك من فتنته ، ويقيك من وسوسته ، كما قال تعالى : قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ إلى آخر السورة .
ثم يرشد القرآن المسلمين في شخص الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم إلى ما يهدىء غضبهم ويطفىء ثورتهم فيقول : { وَإِماَّ يَنَزَغَنَّكَ . . . } .
النزغ والنخس والغرز بمعنى واحد ، وهو إدخال الإبرة أو طرف العصا ونحوها في الجلد .
أى : وإن تعرض لك من الشيطان وسوسة تثير غضبك ، وتحملك على خلاف ما أمرت به من أخذ العفو الأمر بالمعروف والإعراض عن الجاهلين ، فالتجىء إلى الله ، واستعذ بحماه ، فإنه - سبحانه - سميع لدعائك ، عليم بكل أحوالك . وهو وحده الكفيل بصرف وسوسة الشياطين عنك ، وصيانتك من همزاتهم ونزغاتهم .
{ وإما ينزغنّك من الشيطان نزغ } ينخسنك منه نخس أي وسوسة تحملك على خلاف ما أمرت به كاعتراء غضب وفكر ، والنزغ والنسغ والنخس الغرز شبه وسوسته إغراء لهم على المعاصي وإزعاجا بغرز السائق ما يسوقه . { فاستعذ بالله إنه سميع } يسمع استعاذتك . { عليم } يعلم ما فيه صلاح أمرك فيحملك عليه ، أو { سميع } بأقوال من آذاك عليهم بأفعاله فيجازيه عليها مغنيا إياك عن الانتقام ومشايعة الشيطان .
وقوله تعالى : { وإما ينزغنك من الشيطان نزغ } وصية من الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم تعم أمته رجلاً رجلاً ، والنزغ حركة فيها فساد ، وقلَّما تستعمل إلا في فعل الشيطان لأن حركاته مسرعة مفسدة ، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم : «لا يشر أحدكم على أخيه بالسلاح ، لا ينزغ الشيطان في يده .
فالمعنى في هذه الآية : فإما تلمنّ بك لمة من الشيطان فاستعذ بالله .
ونزغ الشيطان عام في الغضب وتحسين المعاصي واكتساب الغوائل وغير ذلك ، وفي مصنف الترمذي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( إن للملك لمة ، وللشيطان لمّة ) . الغضب وتحسين المعاصي واكتساب الغوائل وغير ذلك » ، وفي مصنف الترمذي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : «إن للملك لمة وإن للشيطان لمة » .
قال القاضي أبو محمد : وهاتان اللمتان هما الخواطر من الخير والشر ، و [ سميع ] في هذه الآية يصلح مع الاستعاذة ويصلح أيضاً مع ما يقول فيه الكفار من الأقاويل فيغضبه الشيطان لذلك ، و[ عليم ] كذلك ، وبهذه الآية تعلق ابن القاسم في قوله : إن الاستعاذة عند القراءة أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.