غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ ٱلشَّيۡطَٰنِ نَزۡغٞ فَٱسۡتَعِذۡ بِٱللَّهِۚ إِنَّهُۥ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (200)

199

قال أبو زيد : لما نزل قوله { وأعرض عن الجاهلين } قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كيف يا رب والغضب ؟ فنزل { وإما ينزغنك من الشيطان نزغ } أي غرز ونخس جعل النزغ نازغاً كما قيل : جدّ جدّه . عن أبي زيد : نزغت ما بين القوم أي أفسدت ما بينهم وأصله الإزعاج بالحركة إلى الشر ، وأكثر ما يكون ذلك عند الغضب . ونزغ الشيطان وسوسته في القلب بما يسوّل للإنسان من المعاصي وعلاجه ودفعه إنما يكون بالاستعاذة وهي الاستخلاص عن حول الإنسان وقوته إلى حول الرحمن وقوته والإعراض عن مقتضى الطبع والإقبال على أوامر الشرع عن معاذ بن جبل قال : استبَّ رجلان عند النبي حتى عرف الغضب في وجه أحدهما فقال النبي صلى الله عليه وسلم : «إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب غضبه أعوذ بالله من الشيطان الرجيم » . قال بعض الطاعنين في عصمة الأنبياء : لو لم يجز على النبي الإقبال على وسوسة الشيطان لم يأمر بالاستعاذة . والجواب أن كلمة «إن » لا تفيد وقوع الشرط ، ولو سلم فمن أين علم أنه صلى الله عليه وسلم قبل تلك الوسوسة منه ؟ ولو سلم فمحمول على ترك الأولى . ثم ختم الآية بقوله { إنه سميع عليم } ليعرف أن القول اللساني بدون المعارف الحقيقية عديم الفائدة وكأنه تعالى قال : اذكر لفظ الاستعاذة بلسانك فإني سميع . وأحضر معنى الاستعاذة في ضميرك فإني عليم .

/خ206