المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{أَوَلَمۡ يَتَفَكَّرُواْۗ مَا بِصَاحِبِهِم مِّن جِنَّةٍۚ إِنۡ هُوَ إِلَّا نَذِيرٞ مُّبِينٌ} (184)

184- لقد بادروا بالتكذيب ، ولم يتدبروا ما يدعوهم الرسول إليه ، وما يقدمه من حجج ، بل رموه بالجنون وليس به من جنون ، فما هو إلا مُنَذِر لهم من عاقبة شركهم ، وإنذاره بين واضح .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{أَوَلَمۡ يَتَفَكَّرُواْۗ مَا بِصَاحِبِهِم مِّن جِنَّةٍۚ إِنۡ هُوَ إِلَّا نَذِيرٞ مُّبِينٌ} (184)

أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِهِمْ محمد صلى الله عليه وسلم مِنْ جِنَّةٍ أي : أَوَ لَمْ يُعْمِلُوا أفكارهم ، وينظروا : هل في صاحبهم الذي يعرفونه ولا يخفى عليهم من حاله شيء ، هل هو مجنون ؟ فلينظروا في أخلاقه وهديه ، ودله وصفاته ، وينظروا في ما دعا إليه ، فلا يجدون فيه من الصفات إلا أكملها ، ولا من الأخلاق إلا أتمها ، ولا من العقل والرأي إلا ما فاق به العالمين ، ولا يدعو إلا لكل خير ، ولا ينهى إلا عن كل شر .

أفبهذا يا أولي الألباب من جنة ؟ أم هو الإمام العظيم والناصح المبين ، والماجد الكريم ، والرءوف الرحيم ؟

ولهذا قال : إِنْ هُوَ إِلا نَذِيرٌ مُبِينٌ أي : يدعو الخلق إلى ما ينجيهم من العذاب ، ويحصل لهم الثواب .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{أَوَلَمۡ يَتَفَكَّرُواْۗ مَا بِصَاحِبِهِم مِّن جِنَّةٍۚ إِنۡ هُوَ إِلَّا نَذِيرٞ مُّبِينٌ} (184)

{ أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُواْ مَا بِصَاحِبِهِمْ مِّن جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ مُّبِينٌ } .

الهمزة للانطار والتوبيخ ، وهى داخلة على فعل حذف للعلم به من سياق القول ، والواو للعطف على مقدر يستدعيه المقام .

والجنة : مصدر كالجلسة بمعنى الجنون . وأصل الجن الستر عن الحاسة .

والمعنى : أكذب هؤلاء الظالمون رسولهم صلى الله عليه وسلم ولم يتفكروا في أنه ليس به أى شىء من الجنون ، بل هو أكمل الناس عقلا ، وأسدهم رايا ، وأنقاهم نفساً .

والتعبير { بِصَاحِبِهِمْ } للايذان بأن طول مصاحبتهم له مما يطلعهم على نزاهته عما اتهموه به ، فهو صلى الله عليه وسلم قد لبث فيهم قبل الرسالة أربعين سنة كانوا يلقبونه فيها بالصادق الأمين ، ويعرفون عنه أسمى ألوان الإدراك السليم والتفكير المستقيم .

قال الجمل : وجملة " ما بصاحبهم من جنة " في محل نصب معمولة ليتفكروا فهو عامل فيها محلا لا لفظا لوجود المعلق له عن العمل وهو ما النافية .

ويجوز أن يكون الكلام قد تم عند قوله { أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُواْ } ثم ابتدأ كلاما آخر إما استفهام إنكار وإما نفياً . ويجوز أن تكون " ما " استفهامية في محل الرفع بالابتداء والخبر بصاحبهم . موالتقدير : أى شىء استقر بصاحبهم من الجنون " .

وقوله { إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ مُّبِينٌ } بيان لوظيفته صلى الله عليه وسلم أى : ليس بمجنون كما زعمتم أيها المشركون وإنما هو مبالغ في الإنذار ، مظهر له غاية الإظهار ، فهو لا يقصر في تخويفكم من سوء عاقبة التكذيب ، ولا يتهاون في نصيحتكم وإرشادكم إلى ما يصلح من شأنكم .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{أَوَلَمۡ يَتَفَكَّرُواْۗ مَا بِصَاحِبِهِم مِّن جِنَّةٍۚ إِنۡ هُوَ إِلَّا نَذِيرٞ مُّبِينٌ} (184)

يقول تعالى : { أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا } هؤلاء المكذبون بآياتنا { مَا بِصَاحِبِهِمْ } يعني محمدًا - صلوات الله وسلامه عليه{[12435]} { مِنْ جِنَّةٍ } أي : ليس به جنون ، بل هو رسول الله حقًا دعا إلى حق ، { إِنْ هُوَ إِلا نَذِيرٌ مُبِينٌ } أي : ظاهر لمن كان له قلب ولب يعقل به ويعي به ، كما قال تعالى : { وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ } [ التكوير : 22 ] ، وقال تعالى : { قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ } [ سبأ : 46 ] يقول إنما أطلب منكم أن تقوموا لله قياما خالصا لله ، ليس فيه تعصب ولا عناد ، { مَثْنَى وَفُرَادَى } أي : مجتمعين ومتفرقين ، { ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا } في هذا الذي جاءكم بالرسالة من الله : أبه جنون أم لا ؟ فإنكم إذا فعلتم ذلك ، بان لكم وظهر أنه رسول [ الله ]{[12436]} حقًّا وصدقًا .

وقال قتادة بن دعامة : ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان على الصفا ، فدعا قريشًا فجعل يُفَخِّذهم فَخِذًا فَخِذًا : " يا بني فلان ، يا بني فلان " ، فحذرهم بأس الله ووقائع الله ، فقال قائلهم : إن صاحبكم هذا لمجنون . بات يصوت إلى الصباح - أو : حتى أصبح ، فأنزل الله تعالى : { أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلا نَذِيرٌ مُبِينٌ }{[12437]}


[12435]:في أ: "صلى الله عليه وسلم"
[12436]:زيادة من د، ك، م، أ.
[12437]:?????
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{أَوَلَمۡ يَتَفَكَّرُواْۗ مَا بِصَاحِبِهِم مِّن جِنَّةٍۚ إِنۡ هُوَ إِلَّا نَذِيرٞ مُّبِينٌ} (184)

القول في تأويل قوله تعالى : { أَوَلَمْ يَتَفَكّرُواْ مَا بِصَاحِبِهِمْ مّن جِنّةٍ إِنْ هُوَ إِلاّ نَذِيرٌ مّبِينٌ } . .

يقول تعالى ذكره : أو لم يتفكر هؤلاء الذين كذّبوا بآياتنا فيتدبّروا بعقولهم ، ويعلموا أن رسولنا الذي أرسلناه إليهم ، لا جِنّة به ولا خبْل ، وأن الذي دعاهم إليه هو الدين الصحيح القويم والحقّ المبين . ولذا نزلت هذه الاَية فيما قبل ، كما :

حدثنا بشر بن معاذ ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قال : ذكر لنا أن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم كان على الصفا ، فدعا قريشا ، فجعل يفخّذهم فخذا فخذا : يا بني فلان يا بني فلان فحذّرهم بأس الله ، ووقائع الله ، فقال قائلهم : إن صاحبكم هذا لمجنون بات يصوّت إلى الصباح ، أو حتى أصبح . فأنزل الله تبارك وتعالى : أوَ لَمْ يَتَفَكّرُوا ما بِصَاحِبهِمْ مِنْ جِنّةٍ إنْ هُوَ إلاّ نَذِيرٌ مُبِينٌ .

ويعني بقوله : إنْ هُوَ إلاّ نَذِيرٌ مُبِينٌ : ما هو إلاّ نذير منذركم عقاب الله على كفركم به إن لم تنيبوا إلى الإيمان به ، ويعني بقوله : مُبِينٌ قد أبان لكم أيها الناس إنذاره ما أنذركم به من بأس الله على كفركم به .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{أَوَلَمۡ يَتَفَكَّرُواْۗ مَا بِصَاحِبِهِم مِّن جِنَّةٍۚ إِنۡ هُوَ إِلَّا نَذِيرٞ مُّبِينٌ} (184)

{ أوَ لم يتفكّروا ما بصاحبهم } يعني محمدا صلى الله عليه وسلم . { من جنة } من جنون . روي : أنه صلى الله عليه وسلم صعد على الصفا فدعاهم فخذا فخذا يحذرهم بأس الله تعالى فقال قائلهم إن صاحبكم لمجنون بات يهوت إلى الصباح ، فنزلت . { إن هو إلا نذير مبين } موضح إنذاره بحيث لا يخفى على ناظر .