فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{أَوَلَمۡ يَتَفَكَّرُواْۗ مَا بِصَاحِبِهِم مِّن جِنَّةٍۚ إِنۡ هُوَ إِلَّا نَذِيرٞ مُّبِينٌ} (184)

والاستفهام في { أَوَ لَمْ يَتَفَكَّرُواْ } للإنكار عليهم ، حيث لم يتفكروا في شأن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وفيما جاء به . و«ما » في { مَا بِصَاحِبِهِم } للاستفهام الإنكاري ، وهي في محل رفع بالابتداء والخبر بصاحبهم ، والجنة مصدر ، أي وقع منهم التكذيب ، ولم يتفكروا أيّ شيء من جنون كائن بصاحبهم كما يزعمون ، فإنهم لو تفكروا لوجدوا زعمهم باطلاً ، وقولهم زوراً وبهتاً . وقيل إنّ «ما » نافية واسمها { مّن جِنَّةٍ } وخبرها بصاحبهم ، أي ليس بصاحبهم شيء مما يدّعونه من الجنون ، فيكون هذا رداً لقولهم : { يا أَيُّهَا الذي نُزّلَ عَلَيْهِ الذكر إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ } ويكون الكلام قد تمّ عند قوله : { أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُواْ } . والوقف عليه من الأوقاف الحسنة . وجملة : { إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ مُّبِينٌ } مقررة لمضمون ما قبلها ، ومبينة لحقيقة حال رسول الله صلى الله عليه وسلم .

/خ186