المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{ٱللَّهُ ٱلَّذِيٓ أَنزَلَ ٱلۡكِتَٰبَ بِٱلۡحَقِّ وَٱلۡمِيزَانَۗ وَمَا يُدۡرِيكَ لَعَلَّ ٱلسَّاعَةَ قَرِيبٞ} (17)

17- الله الذي أنزل كتاب محمد وما قبله من كتب المرسلين مشتملة على الحق والعدل ، وما يُعلمك لعل وقت الساعة قريب وأنت لا تدرى .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{ٱللَّهُ ٱلَّذِيٓ أَنزَلَ ٱلۡكِتَٰبَ بِٱلۡحَقِّ وَٱلۡمِيزَانَۗ وَمَا يُدۡرِيكَ لَعَلَّ ٱلسَّاعَةَ قَرِيبٞ} (17)

{ 17-18 } { اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ * يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِهَا وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ أَلَا إِنَّ الَّذِينَ يُمَارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ }

لما ذكر تعالى أن حججه واضحة بينة ، بحيث استجاب لها كل من فيه خير ، ذكر أصلها وقاعدتها ، بل جميع الحجج التي أوصلها إلى العباد ، فقال : { اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ } فالكتاب هو هذا القرآن العظيم ، نزل بالحق ، واشتمل على الحق والصدق واليقين ، وكله آيات بينات ، وأدلة واضحات ، على جميع المطالب الإلهية والعقائد الدينية ، فجاء بأحسن المسائل وأوضح الدلائل .

وأما الميزان ، فهو العدل والاعتبار بالقياس الصحيح والعقل الرجيح ، فكل الدلائل العقلية ، من الآيات الآفاقية والنفسية ، والاعتبارات الشرعية ، والمناسبات والعلل ، والأحكام والحكم ، داخلة في الميزان الذي أنزله الله تعالى ووضعه بين عباده ، ليزنوا به ما اشتبه من الأمور ، ويعرفوا به صدق ما أخبر به وأخبرت رسله ، مما خرج عن هذين الأمرين عن الكتاب والميزان مما قيل إنه حجة أو برهان أو دليل أو نحو ذلك من العبارات ، فإنه باطل متناقض ، قد فسدت أصوله ، وانهدمت مبانيه وفروعه ، يعرف ذلك من خبر المسائل ومآخذها ، وعرف التمييز بين راجح الأدلة من مرجوحها ، والفرق بين الحجج والشبه ، وأما من اغتر بالعبارات المزخرفة ، والألفاظ المموهة ، ولم تنفذ بصيرته إلى المعنى المراد ، فإنه ليس من أهل هذا الشأن ، ولا من فرسان هذا الميدان ، فوفاقه وخلافه سيان .

ثم قال تعالى مخوفا للمستعجلين لقيام الساعة المنكرين لها ، فقال : { وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ } أي : ليس بمعلوم بعدها ، ولا متى تقوم ، فهي في كل وقت متوقع وقوعها ، مخوف وجبتها .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{ٱللَّهُ ٱلَّذِيٓ أَنزَلَ ٱلۡكِتَٰبَ بِٱلۡحَقِّ وَٱلۡمِيزَانَۗ وَمَا يُدۡرِيكَ لَعَلَّ ٱلسَّاعَةَ قَرِيبٞ} (17)

ثم بين - سبحانه - حال الكافرين والمؤمنين بالنسبة ليوم القيامة ، كما بين جانبا من فضله على عباده ، ومن حرمته بهم ، فقال - تعالى - : { الله الذي أَنزَلَ . . . فِي الآخرة مِن نَّصِيبٍ } .

والمراد بالكتاب فى قوله - تعالى - : { الله الذي أَنزَلَ الكتاب بالحق والميزان } جنسه أى : جميع الكتب السماوية التى أنزلها على أنبيائه .

والمراد بالميزان : العدل والقسط الذى تضمنته شريعته - عز وجل - وأمر الناس بإقامته بينهم فى أمور معاشهم .

وتسمية العدل بالميزان من باب تسمية الشئ باسم آلته ، لأن الميزان آلة الإِنصاف والقسط بين الناس فى معاملاتهم .

قال - تعالى - : { لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بالبينات وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الكتاب والميزان لِيَقُومَ الناس بالقسط } وقال - سبحانه - : { الرحمن عَلَّمَ القرآن خَلَقَ الإنسان عَلَّمَهُ البيان الشمس والقمر بِحُسْبَانٍ والنجم والشجر يَسْجُدَانِ والسمآء رَفَعَهَا وَوَضَعَ الميزان أَلاَّ تَطْغَوْاْ فِي الميزان وَأَقِيمُواْ الوزن بالقسط وَلاَ تُخْسِرُواْ الميزان } أى : الله - تعالى - هو وحده الذى أنزل جميع الكتب السماوية لهداية الناس ومنفعتهم ، وقد أنزلها - سبحانه - ملتبسة بالحق الذى لا يحوم حوله باطل ، وأنزل كذلك شريعته العادلة ليتحاكم إليها الناس فى قضاياهم ومعاملاتهم .

وقوله - تعالى - : { وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ الساعة قَرِيبٌ } إرشاد إلى أن وقت قيام الساعة لا يعلمه إلا الله - تعالى - :

أى : إن وقت قيام الساعة لا يعلمه إلا الله - تعالى - وحده ، وأى شئ يجعلكم عالما بوقتها إذا كان مرد علمها إلى الله وحده ، ومع ذلك لعل وقت قيامها قريب .

وقال : { قَرِيبٌ } ولم يقل قريبة ، لأن تأنيث الساعة غير حقيقى ، أو لأن لفظ فعيل يستوى فيه المذكر والمؤنث ، كما فى قوله - تعالى - : { إِنَّ رَحْمَتَ الله قَرِيبٌ مِّنَ المحسنين } وشبيه بهذه الآية قوله - تعالى - : { يَسْأَلُكَ الناس عَنِ الساعة قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ الله وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ الساعة تَكُونُ قَرِيباً }

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{ٱللَّهُ ٱلَّذِيٓ أَنزَلَ ٱلۡكِتَٰبَ بِٱلۡحَقِّ وَٱلۡمِيزَانَۗ وَمَا يُدۡرِيكَ لَعَلَّ ٱلسَّاعَةَ قَرِيبٞ} (17)

ثم يبدأ جولة جديدة مع الحقيقة الأولى :

( الله الذي أنزل الكتاب بالحق والميزان . وما يدريك لعل الساعة قريب . يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها ، والذين آمنوا مشفقون منها ويعلمون أنها الحق ، ألا إن الذين يمارون في الساعة لفي ضلال بعيد . الله لطيف بعباده يرزق من يشاء وهو القوي العزيز . من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه ، ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها ، وما له في الآخرة من نصيب ) . .

فالله أنزل الكتاب بالحق وأنزل العدل ؛ وجعله حكما فيما يختلف فيه أصحاب العقائد السالفة ، وفيما تختلف فيه آراء الناس وأهواؤهم ؛ وأقام شرائعه على العدل في الحكم . العدل الدقيق كأنه الميزان توزن به القيم ، وتوزن به الحقوق . وتوزن به الأعمال والتصرفات .

وينتقل من هذه الحقيقة . حقيقة الكتاب المنزل بالحق والعدل . إلى ذكر الساعة . والمناسبة بين هذا وهذه حاضرة ، فالساعة هي موعد الحكم العدل والقول الفصل . والساعة غيب . فمن ذا يدري إن كانت على وشك :

( وما يدريك لعل الساعة قريب ? ) . .

والناس عنها غافلون ، وهي منهم قريب ، وعندها يكون الحساب القائم على الحق والعدل ، الذي لا يهمل فيه شيء ولا يضيع . .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{ٱللَّهُ ٱلَّذِيٓ أَنزَلَ ٱلۡكِتَٰبَ بِٱلۡحَقِّ وَٱلۡمِيزَانَۗ وَمَا يُدۡرِيكَ لَعَلَّ ٱلسَّاعَةَ قَرِيبٞ} (17)

ثم قال : { اللَّهُ الَّذِي أَنزلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ } يعني : الكتب المنزلة من عنده على أنبيائه { والميزان } ، وهو : العدل والإنصاف ، قاله مجاهد ، وقتادة . وهذه كقوله تعالى : { لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ } [ الحديد : 25 ] وقوله : { وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ . أَلا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ . وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ } [ الرحمن : 7 - 9 ] .

وقوله : { وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ } فيه ترغيب فيها ، وترهيب منها ، وتزهيد في الدنيا .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{ٱللَّهُ ٱلَّذِيٓ أَنزَلَ ٱلۡكِتَٰبَ بِٱلۡحَقِّ وَٱلۡمِيزَانَۗ وَمَا يُدۡرِيكَ لَعَلَّ ٱلسَّاعَةَ قَرِيبٞ} (17)

{ الله الذي أنزل الكتاب } جنس الكتاب . { بالحق } ملتبسا بعيدا من الباطل ، أو بما يحق إنزاله من العقائد والأحكام . { والميزان } والشرع الذي توزن به الحقوق ويسوي بين الناس ، أو العدل بأن أنزل الأمر به أو آلة الوزن بأن أوحى بإعدادها . { وما يدريك لعل الساعة قريب } إتيانها فاتبع الكتاب واعمل بالشرع وواظب على العدل قبل أن يفاجئك اليوم الذي توزن فيه أعمالك وتوفى جزاءك ، وقيل تذكير القريب لأنه بمعنى ذات قرب ، أو لأن الساعة بمعنى البعث .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{ٱللَّهُ ٱلَّذِيٓ أَنزَلَ ٱلۡكِتَٰبَ بِٱلۡحَقِّ وَٱلۡمِيزَانَۗ وَمَا يُدۡرِيكَ لَعَلَّ ٱلسَّاعَةَ قَرِيبٞ} (17)

لما أنحى القول على الذين يحاجون في توحيد الله ويرومون إطفاء نوره ، صدع في هذه الآية بصفة من أنزل الكتاب الهادي للناس . و : { الكتاب } هنا اسم جنس يعم جميع الكتب المنزلة .

وقوله : { بالحق } يحتمل أن يكون المعنى بأن كان ذلك حقاً واجباً للمصلحة والهدى ، ويحتمل أن يكون المعنى مضمناً الحق ، أي بالحق في أحكامه وأوامره . و { الميزان } هنا العدل ، قال ابن عباس ومجاهد وقتادة والناس . وحكى الثعلبي عن مجاهد أنه قال : هو هنا الميزان الذي بأيدي الناس .

قال القاضي أبو محمد : ولا شك أنه داخل في العدل وجزء منه وكل شيء من الأمور ، فالعدل فيه إنما هو بوزن وتقدير مستقيم ، فيحتاج في الأجرام إلى آلة ، وهي العمود والكفتان التي بأيدي البشر ، ويحتاج في المعاني إلى هيئات في النفوس وفهوم توازن بين الأشياء .

وقوله : { وما يدريك ، لعل الساعة قريب } وعيد للمشركين ، أي فانظر في أي غورهم وجاء لفظ : { قريب } مذكراً من حيث تأنيث الساعة غير حقيقي ، وإذ هي بمعنى الوقت .