المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية  
{ٱللَّهُ ٱلَّذِيٓ أَنزَلَ ٱلۡكِتَٰبَ بِٱلۡحَقِّ وَٱلۡمِيزَانَۗ وَمَا يُدۡرِيكَ لَعَلَّ ٱلسَّاعَةَ قَرِيبٞ} (17)

لما أنحى القول على الذين يحاجون في توحيد الله ويرومون إطفاء نوره ، صدع في هذه الآية بصفة من أنزل الكتاب الهادي للناس . و : { الكتاب } هنا اسم جنس يعم جميع الكتب المنزلة .

وقوله : { بالحق } يحتمل أن يكون المعنى بأن كان ذلك حقاً واجباً للمصلحة والهدى ، ويحتمل أن يكون المعنى مضمناً الحق ، أي بالحق في أحكامه وأوامره . و { الميزان } هنا العدل ، قال ابن عباس ومجاهد وقتادة والناس . وحكى الثعلبي عن مجاهد أنه قال : هو هنا الميزان الذي بأيدي الناس .

قال القاضي أبو محمد : ولا شك أنه داخل في العدل وجزء منه وكل شيء من الأمور ، فالعدل فيه إنما هو بوزن وتقدير مستقيم ، فيحتاج في الأجرام إلى آلة ، وهي العمود والكفتان التي بأيدي البشر ، ويحتاج في المعاني إلى هيئات في النفوس وفهوم توازن بين الأشياء .

وقوله : { وما يدريك ، لعل الساعة قريب } وعيد للمشركين ، أي فانظر في أي غورهم وجاء لفظ : { قريب } مذكراً من حيث تأنيث الساعة غير حقيقي ، وإذ هي بمعنى الوقت .