السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{ٱللَّهُ ٱلَّذِيٓ أَنزَلَ ٱلۡكِتَٰبَ بِٱلۡحَقِّ وَٱلۡمِيزَانَۗ وَمَا يُدۡرِيكَ لَعَلَّ ٱلسَّاعَةَ قَرِيبٞ} (17)

{ الله } أي : الذي له جميع الملك { الذي أنزل الكتاب } أي : جنس الكتاب { بالحق } أي : متلبساً على أكمل الوجوه بالأمر الثابت الذي لا يبدل { والميزان } أي : الشرع الذي توزن به الحقوق ويسوي بين الناس أو العدل ، قال مجاهد : سمي العدل ميزاناً لأن الميزان آلة للإنصاف والتسوية ، وقال ابن عباس : أمر الله تعالى بالوفاء ونهى عن البخس فيجب على العاقل أن يجتهد في النظر والاستدلال ويترك طريقة أهل الجهل والتقليد .

ولما كان صلى الله عليه وسلم يهددهم بيوم القيامة ولم يروا لذلك أثراً قالوا على سبيل السخرية : متى تقوم الساعة وليتها قامت حتى يظهر لنا الحق أهو الذي نحن عليه أم الذي عليه محمد وأصحابه ؟ قال تعالى : { وما يدريك } أي : يا أكمل الخلق { لعل الساعة } أي : التي يستعجلون بها { قريب } وذكر قريب وإن كان صفة لمؤنث لأن الساعة في معنى الوقت أو البعث ، أو على معنى النسب أي : ذات قرب ، أو على حذف مضاف أي : مجيء الساعة ، قال مكي : ولأن تأنيثها مجازي وهذا ممنوع إذ لا يجوز الشمس طالع ولا القدر فائر .

تنبيه : لعل معلق للفعل عن العمل أي : ما بعده سد مسد المفعولين .